لم يعد التدخل الإيراني في الشؤون اليمنية بشكل عام، خاصة في صعدة من خلال دعم الحوثيين في الشمال، منذ عام 2004 مسألة سرية وحديثا هامسا بين اليمنيين، بل أصبح الحديث عن هذا التدخل بصوت عال ومسموع، خاصة أن هذه التدخلات السافرة أصبحت تهدد التسوية السياسية التي تعمل كل التيارات السياسية اليمنية بإخلاص للوصول إليها وفقا لآلية المبادرة الخليجية. فإيران لم تعد موجودة بقوة فقط في صعدة لدعم الحوثيين بل أصبحت متغلغلة في عدن وتعز أيضا ليصبح التدخل الإيراني قضية رأي عام في اليمن الذي يعيش حاليا مرحلة المخاض ووصل لعنق الزجاجة لمرحلة مصيرية ألا وهي الحوار الوطني المرتقب الذي سيعقد وفقا لآلية المبادرة الخليجية، حيث ترغب طهران في إفشال التسوية السياسية لإدخال اليمن في أتون الصراعات الداخلية التي خرجت منها قبل عام بفضل المبادرة الخليجية. الوجود الإيراني في اليمن له عدة طرق من أبرزها الاختباء وراء المراكز الثقافية والتي تعتبر مراكز للتجسس على اليمنيين، والحكومة اليمنية أعلنت مؤخرا عن ضبطها لعدد من شبكات التجسس الإيرانية، بالإضافة لضبط السلطات الأمنية لمعدات يمكن استخدامها في تصنيع أسلحة ومتفجرات. ومن أحدث التصريحات اليمنية ما جاء على لسان رئيس جهاز الأمن القومي اليمني اللواء علي الأحمدي الذي اتهم إيران بدعم الانفصاليين وبعض القوى السياسية اليمنية ماليا ومعنويا. وما أوضحه وزير الخارجية اليمني القربي من أن التدخل الإيراني في اليمن يضر بأمن واستقرار المنطقة. ويبدو أن طهران استفادت من انشغال اليمنيين والأجهزة الأمنية بالثورة اليمنية وعززت وجودها في صعدة وبدأت بالانتشار في المدن الأخرى والمفاجأة كانت دعم طهران لبعض الفصائل في الحراك الجنوبي. واعتقد بل أجزم أن صناع القرار في اليمن يتابعون مداخل ومخارج التدخلات الإيرانية في الشؤون اليمنية وسعيها الدؤوب لإفشال المبادرة الخليجية ومحاولتها لتحويل اليمن إلى بؤرة صراعات طائفية وستكون لها بالمرصاد. إن التدخل الإيراني بشكل عام في شؤون بعض الدول الخليجية واليمن لن يكون مقبولا من أي دولة، وعلى طهران أن تراجع سياساتها في المنطقة وتحترم دول الجوار وسيادة الدول على أراضيها لكي يسود الأمن والسلام في المنطقة.