منذ أن أعلنت أمانة جدة قبل عدة أعوام عن فكرة إنشاء غابة شرقي جدة بالقرب من بحيرة الصرف الصحي القديمة بوادي العسلاء ومعظم قاطني شرق المحافظة يعدون الساعات والدقائق لعل هذا المشروع ينتهي سريعا وينسيهم معاناة سنوات خلت كانت مليئة بروائح البحيرة وحرائق مردم النفايات القديم. ومع غرس آخر شجرة داخل الغابة الشرقية وفتح الأبواب أمام السكان لزيارة الغابة الواقعة على بعد 15 كلم شرق جسر بريمان حضر المتفائلون من مختلف أحياء شرقي جدة بعد أن رسموا في مخيلتهم صورة زاهية لغابة لن تقل عن ما يشاهدونه في الدول العربية المجاورة على أقل تقدير، لكن المفاجأة التي التقتهم وسط تلك الأشجار أجبرتهم على اتخاذ قرار عدم العودة إليها مرة أخرى. فالغابة الحلم والتي تقع على مساحة تصل إلى 10 ملايين متر مربع وتحوي أكثر من نصف مليون شجرة متنوعة لا يوجد فيها أي جلسة للعائلة باستثناء ست جلسات خرسانية جميعها نال منها التعب حتى أنهكها الوقوف وسقطت على الأرض، ويفتقد الموقع لمقومات السياحة فلا يمكن أن تجد داخلها مشروبات أو مأكولات للأطفال والعائلات الزائرة، في حين لا يوجد أي مكان مناسب للجلوس بين الأشجار الكثيفة والتي كان إنشاؤها من أجل سحب مياه البحيرة وبعد تجفيف تلك البحيرة غاصت في بحر من الإهمال والتجاهل. يقول ممدوح العتيبي والذي التقته «عكاظ» داخل الغابة الشرقية: «من الظلم أن يتم دفع مبالغ ضخمة من قبل الدولة من أجل إنشاء متنفس للسكان وتتخاذل أمانة جدة في الحفاظ عليه حتى يبقى بشكل يمكن أن يرتاده الأهالي». وأضاف: «سمعت منذ فترة طويلة بهذا الموقع واليوم ساقتني الصدف للمرور بجواره خلال توجهي إلى مكةالمكرمة عبر طريق هدى الشام الجديد وفوجئت بالعدد الهائل للأشجار وقررت أن أستكشف المكان حتى أعود بأسرتي ولكنني لن أفعل ذلك بالتأكيد». وتأكيدا للغضب الذي أبداه العتيبي جراء ما شاهد من قلة اهتمام بالموقع جالت كاميرا «عكاظ» في الموقع، حيث لم يكن عدد المتواجدين في الغابة يتجاوز الأربع عائلات وجميعها اكتفت بالدوران حول الغابة دون التوقف لعدم وجود مواقع مناسبة للجلوس، في حين فضل البعض Hالصعود لبرج المراقبة الذي أنهكت قواه الكتابات غير المسؤولة من الشبان على جدرانه، في الجهة المقابلة ظهرت المقاعد الحجرية التي وضعتها الشركة المنفذة للمشروع في وضع يرثى له بسبب تحطمها وسقوطها دون أن يسأل عنها أحد أو تحاول الأمانة أن تسعفها إما بالعلاج العاجل أو التغيير، ورغم أن عدد تلك المقاعد لم يتجاوز الستة مقاعد إلا أنها لم تعد صالحة للاستخدام لسقوط أغلبها واقتراب انهيار الباقي. عبدالله البقمي والذي التقته «عكاظ» في أعلى برج المراقبة في قلب الغابة تحدث بحرقة وألم وقال: «لا أصدق أن تتجاهل الأمانة منجزا وطنيا ضخما بحجم هذه الغابة والتي كلفت مئات الملايين ولا تكلف نفسها أو شركات الصيانة بها لوضع حد للعبث القائم داخلها». ويضيف: «ما يثير الغضب فعلا تلك الكتابات المنتشرة في كل اللوحات والجدران المحيطة بالغابة، حتى المسجد الموجود في مدخل الغابة الشمالي لم يتركوه وشأنه وكتبوا عليه العديد من الألفاظ غير اللائقة والتي تؤكد الحاجة الماسة لمراقبة ما يحدث داخل الغابة من تصرفات طائشة بدل الاكتفاء بآسيوي يقف جوار البوابة دون أن يحرك ساكنا». من جهته، برر الدكتور عبدالعزيز النهاري المتحدث باسم أمانة محافظة جدة إهمال الغابة الشرقية باقتراب طرح مشروع لتطوير وادي العسلاء في منافسة عامة لبدء تنفيذه، حيث تقع من ضمن الوادي الغابة الشرقية. وقال ل«عكاظ»: «شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني أعلنت عن مشروع مدينة متكاملة بمسمى مدينة مروج جدة وتراعي سلامة البيئة، وستكون المسطحات الخضراء فيها مميزة عن باقي المواقع، وبالتأكيد سيشمل المشروع الغابة الشرقية والتي تقع في قلب وادي العسلاء».