مستشفى الملك فهد، ظل لأكثر من 30 عاما صرحا يشار إليه بالبنان، وهو يخدم أهالى طيبة الطيبة والمناطق التابعة لها، باعتباره المستشفى الأكبر والأهم على مستوى منطقة المدينةالمنورة، حيث تبلغ سعته 500 سرير، حتى طالته يد الإهمال فلم يعد كما كان في الماضي، وأنفقت عليه وزارة الصحة ملايين الريالات لإعادة تهيئته ولكن دون جدوى، ورغم وجود الكادر الطبي المؤهل إلا أن الخدمات الصحية لا تلبي احتياجات المرضى الذين تكتظ بهم ردهات المستشفى. ويوضح مدير المستشفى الدكتور عبدالحميد شحات أن إدارته عازمة على تغيير وتجديد الدماء بهدف تطوير الخدمات الصحية المقدمة للمرضى. «عكاظ» اقتحمت أسوار هذا الكيان الحاضر الغائب، وتسللت إلى أقسامه ودهاليزه، فتشت في أروقته والتقطت ما أمكن التقاطه من صور، ربما لا يتوقع من يشاهدها بأنها داخل مستشفى. تكدس النفايات بداية كان دخولنا من البوابة الجنوبية، تلك البوابة الخاصة بدخول الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الخاصة بالتموين الغذائي، بالإضافة إلى استخدامها للتخلص من النفايات، فوقفنا على منظر اختلط فيه الحابل بالنابل، حيث تتكدس النفايات مع بقايا المستلزمات الطبية، إلى جانب المخلفات الإدارية من كراسي وأسرة ونقالات المرضى، والمكتبات الحديدية، وما إلى ذلك، وعند توغلنا لداخل المستشفى وجدنا أن أدوات السلامة لا تتوافق والشروط المتعارف عليها، فقد وجدناها تلامس درجة الخطر، إذ أن جميع صناديق خراطيم الإطفاء المنتشرة بالأسياب والممرات والسلالم خالية تماما من وجود الماء، والبعض منها لا يعمل القفيز بها، والبعض يحتاج إلى قفيز مساند، ومن مشاهدة تواريخ المراقبين المسجلة على أدوات ومعدات السلامة، يجد أن آخر زيارة تفقدية لأدوات السلامة، كان بتاريخ 26/2/1432ه، وأخرى بتاريخ 26/8/1432ه، بينما لم نر أي زيارة تفقدية لطفايات الحريق. مخالفة للشروط أما المغسلة الخاصة بغسل وتنظيف البطانيات والشراشف الخاصة بالمرضى، فحدث ولا حرج، فهناك كوم كبير من الشراشف والبطانيات، مجمعة من جميع الأقسام، وشاهدنا عاملا واحدا يعمل وبجواره دراجته الهوائية ويعمل على تنظيفها في مخالفة واضحة وصريحة من المستشفى بالجوانب الصحية للتنظيف، حاولنا الصعود إلى الأعلى عن طريق بوابات الطوارئ، فوجدناها جميعها مقفلة، وعند محاولتنا استعمال أحد المصاعد في البدروم لنتمكن من الصعود إلى الأدوار العلوية مكثنا أكثر من 17 دقيقة حتى جاءنا المصعد وعندما وصل وجدنا أكثر من 13 شخصا بداخله، فالمصعد لا توجد به مروحة ولا تكييف، كما لا توجد به صافرة إنذار. مثبتة بالطوب وبعد مضي ساعة من التجول داخل المستشفى احتجنا لدقائق من الراحة، فلم نجد داخل الممرات إلا عددا بسيطا من الكراسي، فعند الوصول إلى مجموعة من الكراسي، حذرنا أحد المراجعين من عدم سلامة الكرسي حيث استعين بالطوب لتثبيت الكراسي من قبل المراجعين، وربما تأقلم المراجعون والمرضى وقبلهم الموظفون والمسؤولون بالمستشفى على هذه الحالة المتردية للمستشفى، والتي أطاحت بالعديد من القياديين بصحة المدينةالمنورة، قبل أن تزيح عددا من مديري الصحة بالمنطقة. هذا هو حال المستشفى من ناحية الإمكانيات والنظافة وشروط السلامة. زحام الطوارئ أما بالنسبة للخدمات الطبية والطوارئ، فأثناء تجولنا ليلا داخل أروقة قسم الطوارئ، حيث مكثنا أمام الباب أكثر من ساعة شاهدنا سيارات الهلال الأحمر وسيارات المواطنين، وهي تصطف خلف بعضها البعض لتتمكن من إسعاف ما تحمله من مرضى ومصابين، فيعمل عمال النظافة على نقل المرضى، وتارة أخرى يحمل المواطنون مرضاهم إلى الطوارئ، حيث الزحام الشديد والصخب وأنين المرضى وبكاء ذويهم، وقفنا على عمل دؤوب من قبل الكادر الطبي الذي يعمل وفق عددهم الضئيل والإمكانيات المتوفرة، حيث رصدنا دخول أكثر من 9 حالات عن طريق الطوارئ خلال ساعة، أي بمعدل حالة كل 6 دقائق تقريبا، وفي قسم الطوارئ تجد الاختلاط الكبير بين المرضى وذويهم، أما الكادر طبي من أطباء وفنيين وممرضين، فأقل ما يوصفون به أنهم عبارة عن خلية نحل، فتجدهم يتنقلون بين أسرة المرضى وفي صالات الطوارئ وبين المرضى وأهاليهم. ظروف استثنائية وفي أروقة المستشفى والطوارئ التقينا بعدد من المرضى وأهاليهم وسألناهم عن مدى رضاهم عن ما يقدمه لهم المستشفى خاصة قسم الطوارئ، يقول جابر الأنصاري إن «المستشفى تردت خدماته وأصبح الناس لا يفكرون حتى في المرور من ناحيته إلا أن تأتي بك الأقدار لا قدر الله إلى الطوارئ فساعتها لا مجال أمامك إلا أن تدخلها، وأعتقد أن العاملين في الطوارئ يحملون هذا القسم على أكتافهم ذلك لأنهم يعملون في ظل ظروف استثنائية للغاية، فكل من يدخل الطوارئ يلاحظ إمكاناتها المتواضعة». تكييف وتسريبات ثم تحدثنا إلى أحد الفنيين من السعوديين، لكنه أمسك عن ذكر اسمه، وقال إن مستشفى الملك فهد، وخلال السنوات الماضية يجري كل 58 دقيقة عملية جراحية، كما أن لديه كادرا طبيا على درجة كبيرة من حيث الاختصاصات الطبية، إلا أن أعدادهم لا تسد حاجة المستشفى مقارنة مع أعداد المرضى، الذين يحالون إليه من محافظات وقرى وهجر حول المدينةالمنورة تبعد عشرات الكيلو مترات، بل يستقبل من خارج المنطقة من مدينة تبوك ومدن أخرى؛ وانتقد الفني البنية التحتية للمستشفى، رغم الأموال الباهظة التي صرفت عليه من الوزارة والتي فاقت 70 مليونا لترميمها، وقال إن ذلك يعني أنه لم يكن هناك دراسة جيدة لاستغلالها، ومع ذلك فقد أصبحت أفضل مما كانت عليه قبل عدة سنوات، إلا أنه لا تزال هناك مشكلة التكييف والتسربات من أهم العوائق التي لم يتم إيجاد الحل اللازم لها. تجديد الدماء مدير مستشفى الملك فهد في المدينةالمنورة الدكتور عبدالحميد شحات، قال إن إدارته عازمة على تغيير وتجديد الدماء بهدف تطوير الخدمات الصحية المقدمة، وأضاف أن الأيام المقبلة سوف تشهد صدور قرارات أخرى بتغيير مناصب إدارية وطبية على مستوى المستشفى، مشيرا إلى أن المستشفى يسعى للحصول على شهادة اعتماد الهيئة العالمية المشتركة لاعتماد المنشآت الصحية للجودة JCI. وكان مدير المستشفى قد أصدر مؤخرا عددا من القرارات الإدارية داخل المستشفى أعفى بموجبها عددا من القيادات، كما كلف آخرين بمناصب مختلفة منها الخدمات الإدارية والتشغيل، الطوارئ والإسعاف وقسم الصيانة الطبية في إدارة التشغيل والصيانة.