من المحتمل أن تحمل صناديق الاقتراع شفيق رئيسا لمصر كما يمكن لها أن تدفع بمرسي لنفس المنصب وبصرف النظر عن عدم رضا كثير من المصريين عن هذا المرشح أو ذاك وتقبلهم لهذه النتيجة أو تلك فإن من سوف يفوز بالمنصب إنما يفوز به من يكسب عددا أكبر من الأصوات في ضوء انتخابات نزيهة مثلت الخيار الحر للشعب المصري. وإذا كان بعض المصريين يرى في انتصار شفيق عودة لواحد من شخصيات العهد الذي قامت ضده الثورة أو يرى أن في انتصار مرسي انتصارا لتيار لم يشارك في الثورة إلا متأخرا فإن الانتصار الحقيقي للثورة لا يمثله فوز هذا المرشح أو ذاك كما لا يمكن أن يمثله فوز أي مرشح مهما كان رضى الشارع عنه كبيرا، ذلك أن النصر الحقيقي للثورة إنما هو في الوصول إلى صيغة دستور يضمن للشعب المصري حق المشاركة وتداول السلطة وحرية الرأي كما يضمن ترسيخ قيم العدالة والمساواة وسيادة القانون وحماية الوطن من الفساد وفرض سياسة الشفافية تكريسا للنزاهة وحماية المال العام وهي القيم التي تضمن ما أرادت الثورة أن تحققه بعد أن كانت قد افتقدتها في العهد الذي ثارت عليه. وإذا كانت اللجنة التي سوف تتولى صياغة الدستور تتمثل في أعضاء ينتمون لهذا الحزب أو ذاك فإن عضويتهم في اللجنة تقتضي أن يكونوا جميعا ممثلين للشعب المصري حريصين على العمل لما فيه مصلحته قبل أن يكونوا ممثلين لأحزابهم حريصين على مصلحتها. الدستور الذي سوف تتم صياغته هو النتاج الحقيقي والفاعل للثورة لأنه هو الضمانة الكفيلة بتحقيق قيمها التي ضحى الشعب المصري من أجلها والمعركة الحقيقية التي ينبغي أن يخوضها الشعب المصري هي معركة الدستور غير أنها معركة لا تدور رحاها في الشوارع والميادين وإنما في اجتماعات أعضاء اللجنة من الخبراء القانونيين والتشريعيين الممثلين للشعب المصري بكافة أطيافه وفئاته.