لم يكن اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ضمن قائمة العشرة زعماء في العالم الأكثر تأثيرا مرات عدة اختيارا مفاجئا أو عشوائيا، خصوصا وأنه جاء من مراكز وهيئات عالمية تحظى بالاحترام والشفافية والمصداقية. وربما يتساءل البعض لماذا اختير الملك عبدالله ضمن هذه القائمة.. وبالطبع سيكون الجواب طويلا.. لما للملك من شخصية تستلهم الحديث المستفيض، إذ أنه صديق شعوب العالم، والحريص على أمن واستقرار الشعوب، ليس هذا فحسب فالملك الحكيم يقرأ بعناية تطورات الأوضاع في المنطقة ويرصد بكفاءة البوصلة التي تتجه إليها السياسة العالمية. ولا يترك أي حدث دولي إلا ويسجل موقفه منه مهما كانت الظروف، انطلاقا من المسؤولية السياسية للمملكة، فهو من انتصر ونصر للشعب السوري، ووقف إلى جانبه ليثبت للسوريين أنهم ليسوا لوحدهم أمام آلة القمع الوحشية على يد النظام المجرم. وقال لروسيا بشفافية إن استخدام روسيا والصين لحق النقض الفيتو ضد إدانة نظام الأسد «غير محمود» وهو موقف نادر وجريء لن ينساه المجتمع الدولي والسوريون على السواء. اعتاد الملك عبدالله على مبدأ الصراحة والشفافية، فضلا عن الجرأة في الطرح، وفي هذا الإطار جاء توصيفه بأن ثقة العالم اهتزت بالأمم المتحدة، بعد ما جرى من فيتو روسي وصيني مزدوج، شعورا إنسانيا ويقظة وحنكة سياسية لتداعياته ليس فقط على مستقبل الشعب السوري بل على الأمن والسلم في المنطقة والعالم. وفي كل مرة يؤكد الملك على بعده الإنساني، فوقفاته مع الشعوب العربية كثيرة، ومنها قراره إلغاء أوبريت الجنادرية، تضامنا مع الشعب السوري وكل الشعوب العربية في مصر وليبيا وتونس كان بمثابة البلسم .. ليس فقط للسوريين بل لشعوب المنطقة التي كان دائما قريبا منهم، يعيش معاناتهم وآلامهم ويؤكد أن ما يجري لها حاضر في عقل وقلب ووجدان صديق الشعوب. ولن ينسى العالم جهوده في تعزيز التسامح والوسطية والاعتدال والحوار بين الأديان، وحرصه على إرساء قواعد سليمة للحوار بين الشعوب والحضارات والثقافات المختلفة، فطرح مبادرة حوار الأديان التي غيرت مفاهيم كثيرة في العلاقة بين الإسلام والغرب، ليعم السلام والرخاء كافة الشعوب، إذ أن مد جسور الحوار بين شعوب العالم على اختلاف دياناتهم أساس لتقارب الثقافات المختلفة. ويدرك خادم الحرمين أن على كاهله مسؤوليات إقليمية، لا بد من التعامل معها بحنكة وحكمة سياسية، فهو يشعر بالتحديات التي تواجهها منطقة الخليج والمؤمرات الإقليمية التي تحاك بالمنطقة، ويستشعر بأهمية العلاقات الديموغرافية والحضارية والتاريخية والثقافية والاجتماعية والجيوسياسية، التي تربط أبناء الخليج الواحد. ومن هنا، طرح مشروع الاتحاد الخليجي ما عكس عن رؤية استراتيجية وسياسية وبعد نظر لمجريات الوضع في المنطقة والعالم بهدف بناء كتلة خليجية موحدة ذات وزن إقليمي ودولي، وجاءت فكرة الاتحاد الخليجي من كونه يعلم أن هناك القواسم المشتركة بين الخليجيين، وروابط الدين واللغة والثقافة والعادات، فضلا عن المصالح الاقتصادية المشتركة التي تحتم الإحساس بالمصير التاريخي الواحد. بعد كل هذه الحقائق هل يحق لنا أن نتساءل: هل الملك عبدالله صديق شعوب العالم ودافع عن الحقوق المشروعة للأمة وكافح الإرهاب والظلم وحقق الرقي والتقدم والرخاء للمملكة والمنطقة والعالم؟! الإجابة تكمن في أفعاله التي اقترنت بالأقوال والتي كانت بمثابة البلسم لشعوب العالم والترياق للأمة الإسلامية.