لقد أدمنا الكم ولم نلتفت إلى الكيف، هذه حقيقة مؤلمة ومؤكدة تفسر لنا ضعف كثير من المؤسسات ومخرجاتها، فرحنا يوما وهللنا بفتح مدرسة كل يوم، ربما كان ذلك ضروريا للرد على الحروب الإعلامية الموجهة لنا أيام المد القومي في ستينات القرن الماضي. ونحن هنا أكثرنا من أعداد المدارس مهتمين بالكم.. أعداد المدارس وأعداد الطلاب، ولم نهتم بالصانع الحقيقي للتعليم المدرسي، كان المتبع لتغطية متطلبات المدارس بتعيين مدرسين من خريجي الابتدائية والكفاءة في المدارس الابتدائية، صار عدد الطلبة بالملايين بحصيلة تعليم متدنية، ولمواجهة هذه الأعداد افتتحنا لهم جامعات وهكذا من 4 جامعات حكومية إلى 21 جامعة قد تصل في آخر العام إلى 24 جامعة عدا الجامعات الأهلية (8 جامعات) لكن ماذا عن المحتوى؟ لا أحد يهتم وكل عام نرفع نسبة القبول والنتيجة خريجون بلا مهنة ولا قدرات فلا يجدون عملاً، الكم هو الذي أدى بنا إلى هذه البطالة المستحكمة بين الشباب، هم بلا تعليم ولا تدريب، والحل ليس في فتح مزيد من الجامعات، الحل هو في الكيف وفي جودة التعليم ومناهجه، ولا بد لعلاج هذه الحالة المتردية زيادة سنوات الدراسة عامين أو ثلاثة للترميم والتقوية، وبدلا من أن ندفع إعانة «بطالة» فليكن «حافز» مضاعفاً لإعادة التعليم والتدريب.