كثير من دول العالم يعاني من ارتفاع الأسعار، وبخاصة أسعار السلع الغذائية، ولهذا الارتفاع أسباب، حيث تتحكم قوانين العرض والطلب في تحديد أسعار كثير من السلع، وقد تزداد معاناة بعض الدول عن غيرها حين تفرض حكوماتها قيوداً على الاستيراد، أو تفرض جمارك باهظة على السلع الواردة إليها، وهذا كله ينعكس بشكل سلبي على «المواطن» المغلوب على أمره دائما، في كل مكان. لكن قد يختلف الأمر قليلا في بلادنا التي لا تفرض قيودا، ولا تحمل الواردات ضرائب أو جمارك، والهدف من ذلك هو أن تصل السلع الأساسية والحيوية إلى المستهلك سعودياً كان أم مقيماً، بأسعار معقولة، ويدرك الكثيرون ذلك عندما يقارنون الأسعار عندنا، وفي دول أخرى. يبدو أن ثمة من لا يحلو له ان يهنأ المواطن براحة البال ورغد العيش فيسعى إلى استنزاف موارد الأفراد عن طريق افتعال بعض الأزمات في سلع حيوية من أجل رفع أسعارها، وبالتالي تحقيق مكاسب خيالية. فالأرز قد ارتفعت أسعاره، وهو يشكل سلعة ضرورية وأساسية في كل بيت سعودي، وكذلك حليب الأطفال، وهناك سلع عديدة لا يمكن العثور عليها إلا عن طريق السوق السوداء، ولا يخفى على أحد ارتفاع أسعار الحديد، كما ارتفعت أسعار الاسمنت مؤخراً، ونحن ندرك جيداً أهمية هذين العنصرين في النهضة العمرانية التي تشهدها البلاد، ومدى تأثر الاقتصاد السعودي، بهذه الزيادات غير المعقولة، ليدفع المواطن العادي في النهاية «فاتورة» الغلاء من ماله، بل ومن دمه. نسمع كثيرا من المسؤولين في وزارة التجارة وغيرها من الهيئات المعنية بمراقبة الأسعار، عن تعقب المسؤولين عن التلاعب بأسعار السلع، دون أن نجد تعقباً واقعياً لهؤلاء، فالمسألة مجرد كلام أو مجرد مسكنات لصراخ المواطنين وآلامهم. هناك عدة أساليب واقعية ذات فاعلية كبرى لكبح جماح الشركات المستغلة والتجار الجشعين، لعل أبرزها تشديد الرقابة على المستوردين والتجار، كباراً وصغاراً، بل حتى على محلات البقالات في كل مكان، وتغليظ العقوبات بين الغرامات الموجعة، والسجن الفعلي، والتشهير بالمستغلين والمتلاعبين بأقوات الناس. نعم، لقد تم التشهير بتلك الشركات التي تلاعبت بأسعار الشعير، لكننا نريد اتباع نفس الأسلوب مع كل السلع الضرورية والحيوية لحياة الأفراد، ولازدهار المجتمع كله. ينبغي على الجهات الرقابية أن تمارس دورها في حماية المستهلك، وإحالة المخالفين من التجار وأصحاب الشركات إلى محاكمات جادة، وأن تسحب تراخيص الشركات المخالفة، وتوقع أقصى العقوبات على كبار التجار وصغارهم. إن هؤلاء المتلاعبين بالأسعار لتحقيق أكبر المكاسب، وجني المزيد من الثمار، ليوقعوا بين المواطن الذي يعتقد أن الدولة هي التي تقف وراء ارتفاع الأسعار وبين الحكومة التي لا تدخر وسعاً من أجل تخفيف المعاناة عن البسطاء، ومن هنا، فإن توقيع العقوبات على المخالفين، والتشهير بهم، سيبرئ ساحة الحكومة من هذه الجريمة من جانب، وسعيد الثقة إلى المواطن في حكومته. وإذا كان هؤلاء الجشعون لا يخشون الله تعالى في عباده، فإن الله تعالى ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، ونحن في انتظار أن تمارس الدولة دورها بقوة وحسم وحزم، وحتى يسود الاستقرار للسلع، ويعم توفرها بشكل يكفل عدم العبث بها من قبل المستغلين للمواطن. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة