يشهد مجتمعنا العربي الكبير أحداثا متسارعة أصبحت بلا شك جزءا من واقع اليوم وتاريخ الغد. هذه الأحداث تجعلنا نشعر بين الحين والآخر بالتهديد من أي شيء قد يقودنا إلى فقدان ما يسمى ب «السلام الداخلي»، فنحن ندرك بأننا من دونه نفقد جزءا غير يسير من كينونتنا. وفي خضم كل ما نعيشه حاليا من تفاصيل أثقلت الفكر بالتحليل والتساؤل والبحث، ظهرت في جميع مواقع التواصل الاجتماعي دون استثناء مجموعة من «الخفافيش»!. هذه «الخفافيش» لا تظهر إلا في المواسم التي غالبا ما تكون شديدة الظلمة، فهي لا تتنفس إلا الدخان الأسود ولا تقتات إلا على نبضات القلوب المرتعبة!. ومع أني لا أحبذ الكتابة عن المآسي أو نقلها بأي شكل من الأشكال فهناك من يتفنن في ذلك إلا أني لا أستطيع التوقف عن البحث عن إجابة شافية لسلسلة من التساؤلات تغزو عقلي الصغير، فما تراه يكون السبب الذي قد يدفع ويبرر لأي إنسان نشر معلومات يجهل مدى مصداقية مصدرها لغيره من الآلاف؟، وما الممتع في ترويع الناس عمدا؟، ولماذا الاستهزاء بأحزان الآخرين ومشاكلهم؟!، ولماذا لا تنطلق الألسنة بالحديث إلا حين تقع المأساة؟!، والسؤال الأهم هو ما سر كثرة ظهور «الخفافيش» هذه الأيام؟!، هل ترانا نلعب دور البطولة في فيلم الرعب هذا، أم أنهم يستغلون تعطشنا لمعرفة ما يحدث وأسباب حدوثه؟!. لن أتحدث أكثر، لكني سأذكر كمثال ما رأيته بأم عيني في «تويتر»، أحد أكثر مواقع التواصل الاجتماعي حيوية، وذلك في اليوم الحزين حين اختنقت تلك البراعم الصغيرة وخرجت تعدو لاهثة وهي تلتحف السواد بعد أن أنقذتها الأيادي الحانية التي أسلمت روحها. فالخفافيش استغلت كل ما يمكن استغلاله من تفاصيل وتناقلتها بعد إضافة ما رأته مناسبا وتعديل وقص ما لم يعجبها، ولمزيد من الإثارة تم إرفاق عدد لا بأس به من الصور المفبركة، ولولا أنني كنت على اتصال مباشر بمن هم داخل الحدث.. لكنت إحدى ضحايا تلك الخفافيش!، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ ما قد يفعله إعادة نشر تلك الأخبار الكاذبة..!. أخيرا أقول.. أيتها الخفافيش نحن جميعا نحترم وجودكم بيننا فأنتم شر لا بد منه، وننحن نتجاهل الكثير مما تفعلونه وتكتبونه وتتناقلونه.. لكن إلى متى؟!. [email protected]