شهد القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية تحولات جذرية في السنوات الأخيرة، متماشياً مع "رؤية السعودية 2030". والتي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وتهدف هذه الرؤية إلى تعزيز دور القطاع غير الربحي كمحرك رئيس للتنمية المستدامة، وتحويله من قطاع يعتمد بشكل رئيسي على التبرعات والمساعدات إلى قطاع أكثر استدامة، قائم على الابتكار والاستثمار الاجتماعي. حيث يلعب القطاع غير الربحي دورًا استراتيجيًا في تعزيز الاقتصاد وتنمية المجتمع تبنّت المملكة نهجًا جديدًا يقوم على تعزيز مساهمة القطاع غير الربحي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورفع مستوى الحوكمة، وزيادة المشاركة المجتمعية، وتشجيع الاستدامة المالية عبر استثمارات وأوقاف مستدامة. وقد وضعت المملكة أهدافًا واضحة لهذا القطاع، أهمها: رفع مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5 % بحلول عام 2030، بعد أن كانت أقل من 1 % قبل الرؤية. وزيادة عدد المنظمات غير الربحية الفاعلة إلى أكثر من 10,000 منظمة، تشمل الجمعيات الأهلية، والمؤسسات الوقفية، والمنظمات غير الحكومية، والجمعيات التعاونية، والمراكز البحثية غير الربحية. وتشجيع التطوع وزيادة عدد المتطوعين إلى مليون متطوع سنويًا، من خلال تطوير منصات رقمية تسهل الوصول إلى الفرص التطوعية وتعزيز ثقافة العطاء. وتعزيز الاستدامة المالية للمنظمات غير الربحية عبر تطوير الأوقاف والاستثمارات الاجتماعية، مما يقلل من الاعتماد على التبرعات المباشرة. وفي هذا الشأن جاوز القطاع غير الربحي في المملكة ولأول مرة في تاريخه سقف 100 مليار ريال في المساهمة الاقتصادية، تعادل 3.3 % من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك وفقا لتقرير مؤسسة الملك خالد "آفاق القطاع غير الربحي 2025م". وأسهمت الأوقاف ب48 مليار ريال وفقًا للهيئة العامة للأوقاف، بينما أسهمت المنظمات غير الربحية بإنفاق 47 مليار ريال بحسب الهيئة العامة للإحصاء، فيما أضاف التطوع قيمة اقتصادية تعادل 5 مليارات ريال بحسب التقديرات البحثية، وأسهمت الجمعيات التعاونية بمبلغ 2 مليار ريال بحسب بيانات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية. كما استشرف التقرير استمرار نمو القطاع غير الربحي ليحقق مستهدف رؤية المملكة 2030 قبل موعده بعامين بالوصول إلى 5 % من الناتج المحلي الإجمالي. كما رصد التقرير تصدّر منظمات التعليم والأبحاث حجم الإيرادات في القطاع غير الربحي بأكثر من 19 مليار ريال، في حين تصدرت منظمات الصحة حجم الإنفاق ب15 مليار ريال، وذلك بفضل تحويل مجموعة من الأصول الحكومية في قطاعي الصحة والتعليم إلى كيانات غير ربحية، بينما تصدرت منظمات الثقافة والترفيه ومنظمات الخدمات الاجتماعية نسب التوظيف. وحلل التقرير مصادر الإيرادات، وعلى وجه الخصوص الدعم الحكومي السخي ومنصات التبرع الرقمية، التي حققت أفضل أداء لها خلال عام 2024م بالوصول إلى أكثر من 15 مليار ريال من التبرعات، تتصدرها منصة إحسان للعمل الخيري، كانت فيها الإسهام الأكبر للمتبرعين بمبالغ صغيرة (مثل ريال، و10 ريالات، و100 ريال)، في حين بلغت إسهامات كبار المحسنين (المتبرعين ب100 ألف ريال فأكثر) نسبة 26 % من التبرعات. وسجل التقرير وصول قيمة أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية إلى أكثر من 1,7 مليار ريال بنهاية عام 2024م، حيث تستعد هذه الصناديق الناشئة لتشكيل مستقبل الاستدامة المالية في القطاع عند وصولها إلى 100 مليار ريال من حيث الأصول مع استمرار زخم النمو بحلول عام 2040م. وعلى المستوى المجتمعي، رصد التقرير انخراط المواطنين بإيجابية في الأعمال غير الربحية من خلال التطوع والتبرع، حيث مارس 23 % من المواطنين التطوع، بينما قام 47 % من المواطنين بالتبرع خلال عام 2024م. وهو ما يدل على اهتمام المجتمع بممارسات المسؤولية الاجتماعية بصفته نمط حياة. وانعكس ذلك على معدلات ثقتهم بالقطاع غير الربحي، حيث وصلت إلى 86 % من السعوديين اليوم مقارنة ب73 % في عام 2017م. يذكر أن تقرير آفاق القطاع غير الربحي يعد التقرير المرجعي الأول في المملكة عن حالة القطاع غير الربحي السعودي، وإسهاماته الاقتصادية والتنموية، ويسلط الضوء بالأرقام والبيانات الحجم والأدوار والوظائف والأجور والتخصصات والانتشار الجغرافي للمنشآت غير الربحية والتطوع والعطاء بصفته أحد أهم القطاعات التي تقودها رؤية المملكة 2030 لتعزيز الإسهامات الاجتماعية للمواطنين والمنشآت، ويجسد بشكل مؤسسي القيم السعودية المتجذرة في العطاء والترابط والتطوع والتكاتف الاجتماعي بين أفراد المجتمع. يشهد القطاع غير الربحي من تنامٍ مستمر، على مستوى المنظمات غير الربحية، وأعداد المتطوعين، والزيادة المشهودة في عدد الوحدات المشرفة فنيًّا بالجهات الحكومية، والتقدم المحقق بتضافر كافة جهات منظومة القطاع غير الربحي، والتطور المرصود في حوكمة المنظمات غير الربحية التي حققت في عام 2023م و2024 مستويات متقدمة في درجات الحوكمة، مما يؤكد التزام منظمات القطاع بالامتثال وفق الأدوار التنموية المستهدفة. يلعب القطاع غير الربحي في السعودية يلعب دورًا مهمًا في دعم القطاعات الاقتصادية والمساهمة في التنمية المستدامة. ومن أبرز طرق مساهمته: توفير فرص عمل، من خلال خلق القطاع غير الربحي العديد من الوظائف، مما يساهم في خفض معدلات البطالة وتعزيز الاقتصاد المحلي. ودعم رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة: من خلال الجمعيات الخيرية والمؤسسات الوقفية التي تقدم الدعم المالي والاستشاري لرواد الأعمال. وتعزيز المسؤولية الاجتماعية: يشجع الشركات على تخصيص جزء من أرباحها لدعم مشاريع التنمية، مما يعزز التكامل بين القطاع الخاص وغير الربحي. وتنمية رأس المال البشري: من خلال تقديم برامج تدريبية وتعليمية ترفع من كفاءة الأفراد وتعزز جاهزيتهم لسوق العمل. والمساهمة في القطاع الصحي والتعليمي: من خلال الجمعيات والمؤسسات التي تقدم خدمات طبية وتعليمية مجانية أو بأسعار مخفضة، مما يقلل الأعباء على الحكومة والقطاع الخاص. وتحفيز الاستثمار الاجتماعي: يسهم في جذب رؤوس الأموال للاستثمار في المشاريع ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي الإيجابي، مثل مشاريع الإسكان التنموي وتمويل الأسر المنتجة. متطوعات سعوديات يقدمن الخدمات الإسعافية لضيوف الرحمن بخمس لغات