مكة المكرمة، والمدينةالمنورة، والقدس الشريف هي مدارس غنية جدا. أكرم الله عز وجل هذه البقاع بالبركات ولذا لا تمر لحظة في تاريخها بدون حدث وتأثير على العالم بشكل أو آخر. وللأسف إن جهلنا بجغرافية وتاريخ هذه البقاع الطاهرة لا يتناسب بالتكليف العظيم أن نعيش فيها، أو بالقرب منها، وأن نتعلم منها. وقد اكتشفت اليوم إحدى الغرائب المقدسية. وتحديدا فقد ظهرت لي علاقة عجيبة بين القدس واكتشاف القارة الأمريكية وإليكم التفاصيل: من أهم المنعطفات التاريخية في تاريخ البشرية كانت التغيرات خلال القرن الخامس عشر. وتحديدا في عام1453 تم فتح القسطنطينية فتحولت من الحكم المسيحي (الكنيسة الشرقية) إلى الحكم الإسلامي. وكانت هذه صدمة كبيرة للكنيسة لأن تلك المدينة التي أصبحت اسطنبول كانت تعتبر إحدى «جواهر» العالم المسيحي. كانت عاصمة الإمبراطورية البيزنطية لمدة تفوق الألف سنة وكانت تحوي أشهر الكنائس، وكانت أيضا تعتبر إحدى البوابات الأساسية لبيت المقدس وكافة الأراضي المقدسة في فلسطين ومنها على سبيل المثال لا الحصر بيت لحم، والناصرة وغيرها. وأصبحت «استعادة» اسطنبول للحكم المسيحي من أهم أولويات العديد من المدارس الفكرية في أوروبا. طبعا كانت الأولوية الأهم هي الحصول على الكنز الأول وهي القدس نفسها. وجدير بالذكر أن الحملات الصليبية التي بدأت في عام 1099 لم تكل ولم تمل لفترة امتدت لأكثر من خمسمائة سنة وأكثر، حيث بلغ عددها عشر حملات تفاوتت في شراستها وباءت كلها بالفشل. وفي عام 1492 كان التغير الثاني الذي شكل نقطة انعطاف مهمة جدا في التاريخ ففي مطلع العام سقطت الأندلس بعد خوض حرب طويلة ضد هجمات قوات الملكة ايزابيللا والملك فرديناند اللذين كانا عازمين على تحقيق «استعادة أراضي» الأندلس من المسلمين reconquista. وبعد سقوط الأندلس، وفي نهاية العام، مول الملك والملكة الإسبان قدرات البحار الإيطالي كريستوفر كولومبس للإبحار شرقا لاستكشاف العالم والوصول إلى الهند عبر المحيط الهادئ. طبعا كانت مغامرة كبرى، وكانت مكلفة جدا. ولكن كولومبس كان لديه هدف مهم وهو الوصول إلى القدس. ليس من خلال رحلته وإنما مستخدما أموال مكافأة الرحلة التاريخية لشراء خدمات الجنود والعتاد للاستيلاء على القدس من خلال حملة صليبية جديدة. وبالرغم من حصوله على المكافأة المجزئة من الملك والملكة، وبالرغم من الشهرة والشعبية الكبيرة التي اكتسبها، لم يوفق في تحقيق حلمه الكبير وهو الاستيلاء على القدس. أمنية: مدننا المقدسة غالية لدرجة قد تفوق قدراتنا على استيعابها. وللأسف إن القدس بالذات لم تحصل على الاهتمام الكافي واللائق، فيبدو أن الكثيرين قد نسوها بالكامل. أتمنى أن نتذكر أن هذه الأراضي المباركة قد أعطتنا الكثير، فقد حافظت بكل إخلاص على أغلى الأماكن فى تاريخ البشرية، وحفظت لنا أهم المنشآت الدينية والثقافية، ووقفت وتقف في وجه الطغاة.. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة