منذ أكثر من 30 سنة وضع عدد من النساء موقعهن على خارطة العمل الميداني، واتخذن من أسواق منطقة الباحة مواقع لانطلاق أنشطتهن المتنوعة، فيما تفرغت أخريات للتجارة في الأعشاب العطرية والزهور وتنميتها حتى باتت علامة فارقة في أشهر الأسواق الشعبية التي تحتضنها جميع محافظات المنطقة. وتكثف النساء البائعات أنشطتهن في مواسم الإجازات خاصة الصيفية لكثر المناسبات والزواجات، إضافة إلى تواجدهن المستمر في بقية أيام السنة، لترويج بضائعهن التي يفوح أريجها بين ردهات الأسواق والمستوقين وزوار مرتفات الباحة. أم سعيد إحدى بائعات النباتات العطرية في سوق الخميس في الباحة تقول «الحمد لله أقوم ببيع الكادي والريحان في سوق الباحة وبعض الأسواق منذ 40 سنة تقريبا، وأجد المتعة والسرور في عملية البيع»، مشيرة إلى أن زبائنها من الرجال والنساء الذين يتوافدون على الأسواق، للحصول على نباتات الكادي والريحان، فهي الأكثر رواجا وطلبا من الزبائن. وأوضحت أنها تتعامل مع مزارع متخصصة في زراعة الأعشاب العطرية من محافظات المنطقة، لتزويدها بالمنتجات يوميا، فهي تحرص على أن تكون معروضاتها في أفضل حال. وتصف أم سعود والتي تعمل في بيع الكادي منذ 30 سنة زبائن الجيل الجديد بجهلهم في شراء الأنواع الجيدة من الأعشاب العطرية، حيث إن البعض يعتقد أن عشبة الكادي هي عشبة الذرة، فيما يستطيع كبار السن تمييز الأصناف الأفضل ومسمياتها. وأكدت أم سعود أن سوق الأعشاب كغيره من الأسواق، قد تتعرض فيه البائعات إلى خسائر مادية، بسبب ركود حركة الشراء، أو إصابة المنتجات بالتلف لتأخر بيعها، فهي تفقد روائحها الذكية بشكل متدرج بعد قطفها، لذلك يعزف عنها الزبائن، مشيرة إلى أن البعض يحافظ عليها من خلال وضعها في إناء مملوء بالمياه للحفاظ على رائحتها لوقت أطول. أما أم فهد فتقول العمل في بيع النباتات العطرية للكادي والريحان الذي يخص النساء مريح، وقد نجد في بعض الأوقات صعوبات في سبيل الحصول على أفضل الأعشاب من المزارع. موضحة أن أفضل أنواع الكادي يتم جلبه من وادي ذي عين، ومزارع محافظة القنفذة، والذي تكون أسعارة 50 ريالا للعقدة الواحدة في المواسم، ويصل إلى 15 ريالا عند توفر المعروض بكميات كبيرة. وزادت أم فهد «هناك نساء من الجيل الجديد لايعرفن شيئا عن هذه الأعشاب العطرية، والتي كانت أمهاتهن وكبيرات السن يحرصن على تواجدها في المنزل؛ لما تبعثه من روائح جميلة تساهم في تهدئة النفوس بفضل أريجها المتميز، حيث كنا نستخدمه لتزيين العروس، وتوزيعه على الحاضرين قبل أن يتم استبدال تلك الأعشاب بالزهور التي تحتفظ بشكلها دون أن يكون لها روائح زكية.