سمعت وقرأت قبل أيام خبر انتخاب أمين معلوف عضواً في الأكاديمية الفرنسية.. وهذه الأكاديمية كما أعرف لم يسبق أن اختير لعضويتها من العرب سوى الكاتبة الجزائرية (آسيا جبار) التي استطاعت أن تنقل حركة المد والجزر بين الشرق والغرب، انطلاقاً من معرفتها لمجتمعها ومشاكله السياسية والاجتماعية. ولا شك أن انتخاب أمين معلوف اللبناني وقبل ذلك العربي يعد انفتاحا للأكاديمية الفرنسية على أفكار جديدة حول الأدب العالمي. كما يعكس اختيار أمين معلوف عضواً داخل (الأكاديمية الفرنسية) أيضاً قدرة العرب على الحضور في كبريات المحافل الثقافية العالمية والمشاركة في فعالياتها. وأمين معلوف الذي ترجم له (صلاح الدين بوجاه) في (قاموس الأدب العربي الحديث) الصادر من دار الشروق بالقاهرة ط1 2007، والذي اعتبرته من الراحلين عام 2003، هو ما زال فاعلا ومؤثراً وبارزاً في المشهد الثقافي العالمي. فهو يعتبر من أبرز الروائيين العرب الذين يكتبون بالفرنسية، فقد ولد في بيروت عام 1935م وحصل على جوائز أوروبية هامة من أبرزها جائزة (غونكور) 1993م عن عمله الروائي (صخرة طانيوس) وله أيضاً روايات مهمة نذكر منها: الحروب الصليبية كما يرويها المؤرخون العرب، وسلالم الشرق، وسمرقند، وحدائق النور، والأصول، وليون الأفريقي، وبدايات. وغيرها.. كثير. وأذكر أنه عندما صدرت له من دار الفارابي ببيروت 2004م ترجمة لروايته (بدايات) كاتبته عن طريق الناشر العربي المذكور وقلت له إنني قد سبقته بإصدار كتاب بهذا الاسم عام 2001م وأن من عادة عرب الجزيرة العربية أن يهدي لمن يسمي باسمه أو باسم أحد من أبنائه (السماوة) هدية قيمة أو يولم له وليمة لا تقل عن (خروف).. وأنت بهذا الاسم تستحق أكبر من الخروف ولهذا سأهدي لك (جمل).. فكتب لي «إلى الأديب الأستاذ محمد القشعمي.. نقلت إلي دار النشر صباح اليوم رسالتكم الرقيقة ونسخة من (بدايات) سأكون سعيداً بقراءتها في أقرب وقت. طريف أن تكون مترجمة كتابي إلى العربية قد اختارات (بدايات) عنواناً له، مع أن لا تطابق بين الاسمين، إذ إن اسم الكتاب أقرب للكلمة (أصول) لكن الأصول تستخدم عادة بمعنى (أصول القواعد) أو (أصول الأدب) مما كان سيعطي انطباعاً خاطئاً عن مضمون الكتاب، وأنا مسرور لهذا التلاقي في الأفكار حول كلمة يستسيغها الذهن وتستسيغها الأذن. أما بالنسبة إلى (الجمل)، فهو مقبول مع الشكر.. على أن يبقى جملا رمزياً لأني لا أخال عابر الصحراء قادراً على العيش في شتاء باريس القارس ودمتم لأخيكم.. أمين معلوف 24/2/2005م».