تعد الإجازة الصيفية كابوسا على الكثير من الأسر باعتبار أن الأبناء طاقة وحيوية تحتاج إلى قنوات لتصريفها، ومن هنا فإن الكل يسعى لملء فراغ الأبناء بأمور مفيدة مثل زيادة المعرفة وتنمية المهارات والإبداع، خصوصا أن الدراسات بينت أن الفراغ محرك رئيس لكل النوازع المكبوتة والرغبات الجامحة، ويشكل الفراغ مشكلة بالنسبة للشباب من الناحية النفسية والسلوكية ومن هنا فشغل أوقات فراغ الطلاب في العطلة الصيفية مسالة ضرورية، لأن شعور الشباب بالفراغ وخاصة المراهقين منهم، قد يوقعهم في مشاكل ومتاعب لهم ولأسرهم، خصوصا في ظل انعدام الأنشطة والبرامج الصيفية التي تساعد هؤلاء الشباب في شغل ولو جزء يسير من وقته خلال الإجازة الطويلة نسبيا. وللتخفيف من آثار المشكلة وشغل الشباب أوقات فراغهم بطريقة سليمة، صدر أمر سام بتنفيذ برنامج التوظيف الصيفي للطلاب خلال الإجازة، مع إمكانية حصول الطالب على دورة تدريبية مدفوعة التكاليف في تخصصات اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي وتطوير الذات تقدمها بعض الشركات، وهي في نفس الوقت فرصة مواتية لتأهيل الشباب لمواجهة ضغوط العمل والتعود على الانضباط والتعامل مع الآخرين بعد التخرج ودخول معترك الحياة العملية مستقلا، وهنا نستعرض آراء عدد من الطلاب الباحثين عن فرص العمل وأيضا مسؤولي مكاتب العمل في عدد من المناطق لمعرفة سير التوظيف والمعوقات. وفي جدة قال موسى أحمد عبدالله (طالب ثانوية) الفرحة لا تسعني بنجاحي في دراستي، وشعوري بأنني وصلت إلى مرحلة يجب الاعتماد فيها على نفسي، والخروج إلى استغلال الإجازة بما هو مفيد. وأضاف: علمت بالوظائف الصيفية المؤقتة والتي تقدمها وزارة العمل لمساعدة الطلاب في الحصول على وظيفة، فقررت مراجعة مكتب العمل من أجل الاستفسار عن الوظائف ورغبتي في الالتحاق بها، وأكدوا لي أن الفرصة متاحة. شركة بعيدة ورغم حصول علوي حسن العيدروس طالب في المرحلة الثانوية على وظيفة صيفية مؤقتة، إلا أنه بدا في مشوار جديد مع خطاب التوجيه لإحدى الشركات، يقول: بعد زيارة لمقر التوظيف في المعهد الصناعي حصلت على وظيفة صيفية مناسبة لمؤهلي في شركة مقرها في جنوبجدة ومقر سكني في شمال جدة، وأنا الآن في محاولات مع مكتب العمل للحصول على وظيفة قريبة من مقر سكني. اكتساب خبرة وقال علي العنيري: أبحث عن وظيفة صيفية تناسب مؤهلي العلمي وذلك من أجل قضاء العطلة الصيفية بشيء يعود علي بالنفع، بدلا من الركون للكسل والخمول خلال الإجازة الصيفية الطويلة، وهي أيضا فرصة لاكتساب الخبرة المناسبة التي تساعدني مستقبلا عند التقديم لأي عمل آخر. وأضاف: أتمنى الحصول على وظيفة مناسبة أحصل بعدها على شهادة خبرة أستفيد منها. إجراءات ميسرة ووصف محمد أحمد إسماعيل (طالب جامعي) إجراءات استقبال طلبات توظيف الطلاب بالسهلة والمرنة، وأضاف: القائمون على البرنامج لديهم الكفاءة العالية وأسلوب سلس في استقبال الطلاب. وقال: أسعى للتوظيف الصيفي حتى اكتسب الخبرة، خصوصا أنني على أبواب التخرج وأريد أن أدخل في أجواء العمل. زيادة المكافآت ويرى عبدالعزيز الأعجم أن فترة الإجازة الصيفية هذا العام تعتبر قصيرة جدا، وقال: أجد في الإجازة فرصة ذهبية لا تعوض للتأهيل واكتساب مهارات معينة، استعدادا لمرحلة ما بعد انتهاء الدراسة والدخول إلى معترك سوق العمل. وأضاف: إجراءات التوظيف ميسرة ومتاحة للجميع، فقط لدى ملاحظة في المكافآت المخصصة وأتمنى رفع سقفها ليستفيد منها الطلاب. إلى ذلك، حذر مدير مكتب العمل والعمال في جدة عبد القادر عيد الغامدي المنشآت والشركات من المماطلة في توظيف طلاب البرنامج الصيفي لهذا العام، وطالب بضرورة التجاوب مع الخطابات الموجهة من قبل مكتب العمل، مبينا حصر الشركات غير الملتزمة بعد نهاية البرنامج والرفع بها إلى وزارة العمل للنظر في وضعها، واتخاذ العقوبة المناسبة بحقها حسب النظام، والتي قد تصل إلى إيقاف خدمات الحاسب الآلي عنهم, مؤكدا، حرص الكثير من مؤسسات القطاع الخاص على استقطاب أعداد كبيرة من الطلاب في مواقع مختلفة. وهو ما تحرص عليه أيضا وزارة العمل التي توجه دائما بالعمل على تدريب الطلبة وإكسابهم فرصا للتدريب والتأهيل بما بساعد دخولهم سوق العمل. واعتبر الغامدي الإجازة الصيفية فرصة كبيرة لاستغلال أوقات فراغ الشباب بما ينفعهم، مبينا أن مكتب العمل في محافظة جدة يوفر 25 ألف وظيفة مؤقتة للطلاب خلال العطلة الصيفية لهذا العام، وفقا لما أعلنه. وفي سياق متصل، أوضح مدير إدارة توظيف السعوديين محمد بن جلال الغامدي، أن وزارة العمل تعمل على حصر فرص التشغيل المقدمة من القطاع الخاص قبل بداية الإجازة، ليتم توجيه خطابات للشركات بتوظيف وتدريب الشباب خلال الإجازة الصيفية. وأشار جلال إلى أن الوزارة دأبت منذ فترة بعيدة على تنفيذ برنامج التوظيف الصيفي للطلاب خلال الإجازة، استنادا إلى الأمر السامي في 1/3/1418 ه، لافتا إلى حصر جميع الوظائف في شركات القطاع الخاص، مبينا انتهاء المرحلة الأولى من برنامج التوظيف الصيفي والمخصص للجامعيين، وتم خلاله توجيه ثمانية آلاف طالب جامعي لقرابة 2400 شركة، موضحا انطلاق المرحلة الثانية من البرنامج بداية الأسبوع الجاري وانتهت بنهاية الأربعاء وهي مخصصة لتوظيف طلاب الثانوية العامة، وتوقع أن يتم خلال المرحلة الثانية والمقررة كذلك لطلاب الثانوية توظيف أكثر من 17 ألف طالب، ويشترط على المتقدم إنهاء السنة الثانية من المرحلة الثانوية وإحضار شهادة انتظام في الدراسة وصورة الهوية الوطنية وأن يتجاوز السابعة عشرة. وحول المكافآت المقررة للطلاب قال: تتراوح ما بين 1000 1500 ريال بحسب الشركة والتخصص، لافتا إلى إمكانية حصول الطالب على دورة تدريبية مدفوعة التكاليف في تخصصات اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي وتطوير الذات تقدمها بعض الشركات، واعتبر مدير إدارة توظيف السعوديين الوظائف الصيفية، فرصة مواتية لتأهيل الشباب لمواجهة ضغوط العمل والتعود على الانضباط والتعامل مع الآخرين، مشيرا إلى أنه سيتم توظيف 4 في المائة من الطلاب في الشركات التي يتراوح عدد موظفيها ما بين 25 500 عامل، وثلاثة في المائة في للشركات التي يبلغ عدد موظفيها ما بين 501 3000 عامل، و2 في المائة في الشركات التي تحتوي على أكثر من 3000 عامل وهي نسب إلزامية لا بد لكل منشأة من تطبيقها. متابعة التوظيف وفي الدمام، ووفق مصدر مسؤول فإن وزارة العمل تتابع مدى التزام شركات ومؤسسات القطاع الخاص بتوظيف الطلاب خلال فترة الصيف، حيث خصصت لجان لمتابعة ذلك وإصدار المخالفات النظامية تجاه الجهات التي لا تلتزم بالتوظيف الصيفي. وأكد الأمين العام في غرفة الشرقية عبدالرحمن الوابل، أن مركز التوظيف في الغرفة لم يعد يتولى مهمة التوظيف الصيفي، مشيرا إلى أن مهمة استقبال الطلبة للتوظيف الصيفي باتت من مسؤولية مكتب العمل وبرنامج الأمير محمد بن فهد لتوظيف الشباب، مضيفا أن مركز التوظيف يعمل وفقا للبرنامج الاعتيادي وهو استقبال طلبات التوظيف الدائم وكذلك التنسيق مع الشركات بخصوص الوظائف الشاغرة، مبينا تعاون المركز مع الشركات الخاصة فيما يتعلق برغبتها في التوظيف الصيفي، وكان آخرها طلب من إحدى الشركات في توظيف 70 طالبا خلال فترة الصيف وهو ما تم بالفعل. موضحا أن مركز التوظيف كان يتعاطى مع التوظيف الصيفي في الأعوام الماضية، إلا أن المسؤولية باتت محصورة حاليا في برنامج الأمير محمد بن فهد ومكتب العمل والعمال، مضيفا أن غرفة الشرقية خطت منذ إنشائها خطوات واسعة في تطوير اقتصاديات المنطقة الشرقية من خلال تقديمها لخدماتها المتميزة وعالية الجودة التي تسهم في خدمة الاقتصاد والمجتمع في المملكة. معاقبة المنشآت من جهتها، اعتبرت الكاتبة الاقتصادية الدكتورة أميرة اليماني، أن برامج التوظيف التي تعلن عنها وزارة العمل كل في كل عام فرصة للشباب، وأضافت: تتركز أهداف التوظيف الصيفي في إتاحة الفرصة أمام الطالب لكسب الخبرة العملية والتدريب قبل التخرج، إضافة إلى تعويد الطلاب على تحمل المسؤولية والتقيد بمواعيد الحضور والانصراف، وأيضا احترام الآخرين والاستماع إلى آرائهم، وبالمقابل تتيح للمؤسسات فرصة تقويم أداء الطالب أثناء فترة التدريب ومعرفة مدى الاستفادة منه وتوظيفه بعد تخرجه. ونوهت على أهمية وضرورة مواءمة الوظيفة مع الراتب الممنوح له، حيث إن المكافأة لا تتعدى 2000 ريال، يذهب معظمه في المواصلات خاصة إذا كان مقر الشركة يبعد كثيرا عن مكان سكن الطالب، وقالت: يجب على جميع منشآت القطاع الخاص التجاوب مع مكاتب العمل وإتاحة الفرصة للطلاب والأخذ بيدهم مطالبة معاقبة الشركات التي لا تتجاوب مع برنامج توظيف الطلاب في الصيف. وبدوره لفت رجل الأعمال ناصر العتيبي، إلى ضرورة استفادة الطلاب من الإجازة الصيفية بالتوظيف، وأضاف: على الطلاب استثمار أوقاتهم في أمور مفيدة، وعلى طلاب المرحلة الجامعية، العمل في نفس المجالات التي يدرسونها، حتى يكسبوا خبرة عملية تؤهلهم للتقدم في المستقبل والدخول في الاختبارات الوظيفية بقوة. وشدد العتيبي على ضرورة تعاون القطاع الخاص في توظيف الطلاب في فترة الإجازة الصيفية، وعلى مكاتب العمل توجيه الطلاب إلى الوظائف المناسبة، خصوصا أن شركات القطاع الخاص في حاجة إلى موظفين سعوديين مستقبلا. وفي القصيم، كشفت دراسة مسحية متخصصة صادرة من مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة القصيم, أن مشروع التوظيف الصيفي للطلاب بحاجة إلى مزيدا من الدراسة والتخطيط، وأظهرت الدراسة أيضا أن التوظيف الصيفي الذي تتبناه وزارة العمل ممثلة بمكاتبها المنتشرة بالمناطق أثبت أن نسبة تحقيقه للأهداف الذي من أجلها أنشئ المشروع دون نسبة النجاح المرجوة. وأظهرت الدراسة أن أبرز السلبيات التي وجدت بالمشروع ولم تعالج رغم أن عمره تجاوز ال35عاما تتمحور حول: عدم وجود جهة رقابية تحفظ مهمات وواجبات وحقوق الطرفين، سوء استغلال أصحاب العمل في توظيف الشباب، عدم تركيز مهمات وواجبات الشباب أثناء العمل، ضعف مستوى المخرجات التي ولدها المشروع، واقترحت تبني الجهات المختصة كبرامج أمراء المناطق أو صندوق الموارد إطلاق ندوات وورش عمل متخصصة للتطوير المشروع الذي وضع ليكون أحد أهم المخرجات للسوق العمل، والاستعانة بتنمية المكافآت من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية الذي يجب أن يساهم بنسبة من المكافآت، وإشراك الصناديق التمويلية الحكومية والخاصة وشبة الحكومية في هذا المشروع للتطوير قدرات الشباب ومساعدتهم للدخول في سوق العمل.