قد لا يعرف البعض أن الرجل الذي يعتلي هرم الهيئة العامة للسياحة والآثار هو عسكري تقاعد بعد حياة حافلة بالعطاء في وزارة الدفاع والطيران، شارك من خلالها في حرب الخليج بكفاءة عالية ومهارة قتالية فائقة قبل أن يتقاعد، عمل الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز -وهو أحد أنجال أمير الرياض- في القوات المسلحة فترة غير قصيرة قبل أن يتقاعد برتبة عقيد؛ فضلا عن كونه أول رائد فضاء عربي مسلم. يتحدث ل«عكاظ» عن هذه المرحلة المفصلية في حياته قائلا «شرفت بالعمل في القوات المسلحة، وشاركت في حرب الخليج قبل أن أفضل التقاعد لأستريح في العمل الذي أعشقه بجنون وهو العمل الخيري، حيث أجد متعتي وضالتي، لدي كثير من التفاصيل المثيرة أثناء عملي العسكري قد لا يتسع المجال الآن لحصرها». وزاد «ذات مساء وبينما أنا أتناول العشاء في نخيل العذيبات في الرياض مع ثلة من رفاقي وأصدقائي، سمعت في التلفزيون السعودي مرسوما ملكيا بتأسيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، عندها قلت فجأة عن أي سياحة يتحدثون في بلد صحراوي جاف وفي بيئة شديدة الحرارة صيفا». وعن تفاصيل اختياره أمينا للهيئة العامة للسياحة والآثار، قال «بعد صدور الأمر الملكي بيومين، تفضل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران واتصل بي، وأبلغني أنه يريد أن يرشحني لهذه المهمة الحساسة والكبيرة والمعقدة التي تحتاج الكثير من الإقناع، وفيها كثير من التداخلات والتراكمات وتنازع الصلاحيات». وزاد «اعتذرت بأدب جم وطلبت من ولي العهد أن يعفيني ليس هروبا من المسؤولية لكنني لا أفهم شيئا عن السياحة، وأبديت له رغبتي في التفرغ تماما للعمل الخيري الإنساني، وقلت له أيضا إنني خريج مؤسسة عسكرية وقد لا أناسب هذا المنصب إطلاقا»، عندها قال لي مازحا بما يشبه الأمر «نحتاج رجلا عسكريا لهذا المنصب»، وعندما قال لي ولي العهد نريدك لهيئة السياحة، أحسست بأن صاعقة ضربتني من رأسي إلى أخمص قدمي، فأنا أعرف هموم السياحة وتحدياتها، ورأيت ما تحقق في الدول المتقدمة التي أصبحت تقوم وتقتات وتعيش على منتجات السياحة، وكيف سيكون للمملكة دور محوري في هذا الجانب، المهمة ثقيلة وانتحارية في آن». وبين: لم يكن أمامي تجاه هذه الإرادة من ولي العهد غير الامتثال وقلت له «الشور لكم، أما إذا رغبتم رأيي فاعفوني، فأنا لا أصلح لهذا المكان، فقال ولي العهد «استشر والدك وزوجتك وأسرتك ورد علي بعد يومين»، وعند الموعد اتصلت به وقلت له «والدي تعرفون رأيه، وأسرتي لا تمانع» فقال: «على بركة الله تعالى»، طلبت منه إجازة حيث إنني متوجه إلى لندن لإلقاء محاضرة عن التراث العالمي في عهد الوزير غازي القصيبي، قال لي الأمير سلطان بن عبد العزيز «لك إجازة يومين فقط ويجب أن تعود إلى المملكة»، وبينما أنا هناك في لندن، صدر قرار تعييني أمينا عاما للهيئة العامة للسياحة، وأعلن الخبر الوزير المرحوم غازي القصيبي على حضور مناسبة المحاضرة. لمن لا يعرف الأمير سلطان بن سلمان فهو نشط ويقظ وعلى درجة عالية من الثقافة في مجالات واسعة، محب جدا للقراءة، يعشق سياحة التزلج على الثلوج، يفضل التحليق بطائرته الشراعية جوا ولديه رخصة قيادة دولية في هذا الجانب، لا يحب البحر ولا يعشق سياحته، يستمتع بالبر ويعش التنقل برا، أمضى كثيرا من مراحل حياته في الطائف، وأبها، وجدة أيضا. يدير الأمير سلطان بن سلمان الهيئة العامة للسياحة والآثار التي يعمل فيها نحو 1100 موظف، وتتخذ من الرياض العاصمة السعودية مقرا لها، يؤمن كثيرا بالعمل المنظم ويجاهد في غير اتجاه من أجل خفض عدد الموظفين إلى النصف، يقول وهو يتحدث ل«عكاظ» «لا نحتاج هذا الرقم الكبير من الموظفين، نريد موظفا واحدا يؤدي عمل ثلاثة، وقد طلبت من هيئة التنظيم الإداري معالجة هذا العدد الكبير والتضخم الزائد في الموظفين الذين انتقلوا لنا من وزارة التربية والتعليم بعد ضم الآثار إلى السياحة». يؤمن الأمير سلطان بن سلمان بالتقنية ويتعامل معها بكفاءة، يتحدث كثير مع الذين يعملون معه، ومنهم مدير الإعلام والعلاقات العامة ماجد الشدي أن الأمير ينفق من وقته نحو 15 ساعة يوميا في العمل؛ تبدأ قبل التاسعة صباحا ولا تنتهي قبل الثانية عشرة ليلا، يكون معنا في المكتب أو عبر الهاتف أو من خلال البريد الإلكتروني، ويضيف الشدي «لا بد أن يجد رئيس الهيئة الملف الصحافي لكل ما يكتب في الصحافة المحلية على بريده الإلكتروني قبل السابعة صباحا، بعدها ينجز إلكترونيا كثيرا من المعاملات والملفات التي تخص قطاع السياحة والآثار». للأمير سلطان بن سلمان جهد بارز في العمل الاجتماعي سواء في خدمة جمعية الأطفال المعوقين، مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، وواحة الأمير سلمان للعلوم وغيرها من الأعمال غير المعلنة.