نسمع عن معاناة أندية الدرجة الثالثة وعلى وجه التحديد الأندية التي ليس لها مقرات تمارس على ملاعبها تمارين ألعاب فرقها، لكن حينما تقترب أكثر من هذه الأندية تكتشف مزيدا من قسوة حياتهم وظروفهم الصعبة، والتي ليس من السهل مقاومتها والتعايش معها دون الحصول على مساعدات لوجستية تساهم على التغلب عليها، ومن هذه الأندية «حراء» المؤسس في مكةالمكرمة عام 1388ه، تحت مسمى «الكفاح» وتم تحويله عام 1401ه لمسمى «حراء» وفي البداية لم يكن ناديا عاديا، بل كان صاحب طموحات وأسس قاعدة من الكوادر الرياضية ساهمت في نقل ألعابه إلى واجهة الرياضة في الوطن، ومن خلال وصول الكثير من لاعبيه لصفوف المنتخبات الوطنية تحول صيدا ثمنيا للأندية المقتدرة لتأخذ منه ما تشاء من اللاعبين المميزين بالإغراء أو تحت الإكراه، ومن أبرز النجوم الذين دخلوا بوابة حراء مرورا للأندية الكبيرة، محمد نور الذي انتقل للاتحاد، وصلاح المولد انتقل للاتحاد، ومحمد المترو وإبراهيم مريكي وعبدالله حامد وهشام عبدالحي وياسر الفهمي وهؤلاء جميعهم انتقلوا للأهلي، وجميل عاطي وأسامة عبدالحي وعبدالخالق برناوي، للوحدة، وسلمان المؤشر للهلال. ومع هروب هذه الكوكبة من النجوم والفقر المالي وتجاهل أهل مكة له وقلة الإمكانيات العامة والمالية، إلا أنه وصل إلى نقطة التعادل مع جاره (الوحدة) في عدد الألعاب (9 ألعاب)، بل إنه يتفوق على الوحدة في ألعاب الدفاع عن النفس. «عكاظ» قامت بجولة ميدانية على مقر نادي حراء الذي يقع في حي الرصيفة القديم، كما يطلق عليه (المكيون) فوجدت ناديا فقيرا ومنشآته رثة، غير أن اللافت أنه يملك عشاقا ومرتادين يطاردون التعب والملل ولاعبين من مختلف الأعمار يزاولون نشاطاتهم في ناد يفتقد منذ تأسيسه لأبسط المقومات؛ إذ لا يملك مقرا لكي يؤدي رسالته الاجتماعية تجاه شباب «أم القرى» على الوجه المطلوب، واكتشفنا في هذا المقر أنه يؤدي أكثر من رسالة تجاه قاطني الحي، فمن مزاولة للرياضة على صبات خراسانية وصالات رياضية معدمة التكييف، وجدر متصدعة ووضع ملعبه «الترابي» يجلب الحزن ويخلق الكآبة.. وفي المساء يتحول هذا الملعب الترابي إلى «سرداق عزاء»، حيث يقيم أهل الحي في حالة العزاء كخدمة اجتماعية يقوم بها النادي (الفقير) تجاه قاطني الحي، بالإضافة إلى خدمة أخرى من خلال غرفة العلاج الطبيعي، حيث وجدنا واحدا من أبرز رياضيي مكة والمملكة يخضع لعلاج طبيعي، وهو رئيس الوحدة الأسبق والرياضي المخضرم الأستاذ عبدالوهاب صبان (ممتدحا أخصائي العلاج)، مشيرا إلى أنه قدمه لنادي حراء قبل عقد ونيف. مرتادون صغار وخلال تواجد «عكاظ» في نادي حراء تبين أن غالبية مرتادي النادي من الفئة العمرية الصغيرة، وهذا مؤشر إيجابي لمستقبل مشرق لهذا النادي. وبالمختصر يقول الصبان عن مقر نادي حراء بأنه يعرفه منذ قرابة ال 40 عاما، وأنه كان عبارة عن «مقهى» يقصده الكثير من أهل مكة. وتوجهت «عكاظ» بسؤال للصبان عن استعداده لتقديم مساعدات لحراء وإنشاء مجلس شرفي برئاسته، فقال: سبق أن اعتزلت المجال الرياضي برمته، لأنني قدمت كل ما لدي، والبركة والخير في الشباب، ونحن اليوم متابعون وممارسون للرياضة فقط. أم المصاعب ولمعرفة كيفية تغلب الإدارة على مشاكل الفرق في تأدية تدريباتها اليومية وأبرز المعضلات، يقول نائب رئيس مجلس الإدارة حامد مؤذن «أم المصاعب في نادينا هي المرافق الحيوية للنادي وثمتل شرايين كافة الألعاب، فليس لدينا ملاعب سوى ملعب صغير جدا، وأرضه خرسانية، هو في الأساس لكرة اليد تتمرن عليه الفرق الكروية بكافة فئاتها (براعم، وناشئين) بينما يؤدي الفريق الأول لكرة القدم تدريباته على ملاعب كرة القدم في مدينة الملك عبدالعزيز الرياضية بالشرائع، وبحسب المتاح، أو يكون التدريب على ملعب النادي الترابي أو نقوم باستئجار ملاعب لفرق النادي الثلاث لكرة القدم، وتكلفنا في السنة بما يتجاوز ال90 ألف ريال، أما الفريق الأول لكرة اليد فيتمرن على صالة مدينة الملك عبدالعزيز الرياضية بالشرائع، وفرق ألعاب الدفاع عن النفس في صالة داخلية بمقر النادي الحالي الذي هو في الأساس مستأجر من أمانة العاصمة المقدسة ب20 ألف ريال، تدفع الإدارة النصف، والنصف الآخر تدفعه الرئاسة العامة لرعاية الشباب؛ لأن هذا المقر تحول من «مقهى» في السابق إلى حديقة تمتلكها أمانة العاصمة المقدسة، ونحن أنشأنا ملاعب متواضعة وصالات ألعاب ومسبحا نؤجره بسعر رمزي (5 ريالات فقط) خدمة للشباب يمارسون هواية السباحة فيه». ميدالية ذهبية وتابع المؤن: لا يوجد أي دعم مالي من قبل رجال الأعمال في مكة للنادي، بل يتجاهلون نادي حراء (ثاني ناد محلي، بعد نادي الوحدة) ماعدا عضو شرف نادي الوحدة غزالي يماني وابنه سعد، فهما يدعمان حسب استطاعتهم، رغم أن نادي حراء يحتوي كل المواهب وخصوصا في ألعاب الدفاع عن النفس، حيث حقق اللاعب سامي شبيلي الميدالية الذهبية في بطولة المملكة للناشئين قبل أيام، وغيره من النجوم في هذه اللعبة حققوا ميداليات على مستوى المملكة وخارجها مع المنتخبات الوطنية. وأشار إلى أن النادي يمتلك قطعة أرض كبيرة في حي أم الكداد، وتجرى حاليا إجراءات استخراج تصريح لبناء منشآت هناك من قبل مستثمر، وفي حالة توفر الإمكانيات العامة في أرض النادي سيكون لحراء نقلة نوعية في كافة الألعاب وبصمة على كل مشاركة؛ لأن لدينا قدرات فنية عالية جاءت للنادي عبر سياسات ترغيب وصقل مواهب بطرق سليمة، فالمتابع لنادي لحراء يجد أنه يوفر المال من خلال إبرام صفقات بيع لأبرز اللاعبين البارزين والصاعدين، من أجل مواصلة الصرف على كافة الألعاب الأخرى، فنحن نرى بأن ثروة حراء الطبيعية في النشء، ونعدهم من خلال مدربين مختصصين تم استقطابهم من الدول العربية. لا مبرر للقطيعة وطالب المؤذن أهل مكة الميسورين بالمسارعة إلى دعم النادي بكل ما يستطيعون ماديا ومعنويا، ويرى أنه لا يوجد مبرر للقطيعة، لأن «حراء» ملك للجميع ويؤدي رسالة لكافة الشرائح الاجتماعية في مكةالمكرمة وأبوابه مفتوحة للجميع، فمن لديه مقترحات تساهم في تطوير النادي أو قدرة على الدعم المالي ولو بجزء يسير فالأبواب مفتوحة أمام الجميع.