اختلف باحثان شرعيان حول معنى الحديث الذي يذكر الرقية حيث رأى عضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور محمد موسى الشريف أن المقصود بالرقية الواردة في الحديث هي التي لا لجوء فيها للغير، بيما يؤكد أستاذ التربية الإسلامية في جامعة أم القرى الدكتور عدنان باحارث أن تفسير غالب العلماء للحديث جاء عن الرقية الممنوعة وليس اللجوء للغير. وبالعودة للدكتور محمد الشريف فإنه أوضح أن الحديث لم يحرم الكي أو الرقية كما في أذهان البعض، بل هما جائزان، لكن رسول الله أراد إيضاح أن ترك هذه الأسباب تدل على كمال توكل العبد على الله، وبالتالي فإن التوكل سبب لدخول الجنة بلا حساب. مبينا أن معنى لا يسترقون الواردة في الحديث هي عدم طلب الرقية من أحد، فيتولى الإنسان ذلك بنفسه، قائلا «طلب الإنسان من غيره الرقية جائز لكن الأفضل في الحديث الآنف الاعتماد على النفس لا يتحقق بسبب الطلب، لكن عائشة رضي الله عنها رقت النبي عليه الصلاة والسلام». وأكد أن تطابق بعض الصفات الواردة في الحديث على شخص ما، لا يعني دخوله الجنة بلا حساب، فلابد من اكتمال الصفات كاملة في الشخص ليتحقق له الفضل المذكور. ونفى أن يكون الحديث متناقضا مع ما أمر الدين به، أو يكون سببا لحصول المهلكة، فالإسلام لم يحرم الكي أو الرقية، خاصة عند الحاجة، بل جاء النهي لمن طلبها من غيره. وعلق: إن الناس أربعة أصناف، وهم الكافر الذي يدخل النار مخلدا، أو من يدخل الجنة بلا حساب، كالأصناف الواردة آنفا، ومنهم من يحاسب حتى ترجح حسناته، فيدخل الجنة، والقسم الرابع من يدخل النار، ثم يخرج منها لتوحيده. واستشهد على جواز الكي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنهى أمتي عن الكي». قائلا: «وإن كان النهي في الحديث للكراهة لا للتحريم». وخلص إلى صحة ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر وهو أن مع كل سبعين ألفا، يتبعهم سبعون ألفا آخرين، فيصبح عدد من شملهم الحديث أربعة آلاف وتسعمائة مليون شخص. لكن أستاذ التربية الإسلامية في جامعة أم القرى الدكتور عدنان باحارث، يشير إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام كره الاكتواء، لقسوته، واستخدامه النار، وإن لم يكن المقصود منه التحريم. لافتا إلى أن صفات الذين يدخلون الجنة بلا حساب، هم الذين لا يسترقون، أي لا يلجؤون إلى الرقية غير الشرعية كما عليه أكثر العلماء، بل إلى الرقية التي لجأ إليها النبي عليه الصلاة والسلام فرقى واسترقى. وعلق أن بعض العلماء رأوا أن المسترقي تارك للتوكل، وإن كان ظاهر الرقية في الحديث، هي الممنوعة والخاطئة كما فسره أكثرهم. وأبان أن الحديث جاء لتبيين فضل المتوكلين، لما يحملونه من صفات القناعة الظاهرة والباطنة، والرضى بقضاء الله، وأفصح أن الحديث ليس فيه دعوة للاستغناء عن العلاج كلية، كما عليه اعتقاد البعض، بل على نوع معين منه العلاج، فالتداوي المطلق أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «ما خلق الله من داء إلا وخلق له الدواء، تداووا عباد الله».. مشددا على أن النبي عليه الصلاة والسلام أكبر المتوكلين على الله، وتعالج. وفرق باحارث بين التوكل على العلاج، والتوكل على الله، قائلا: «للعلماء أقوال عدة بين وجوب التداوي، إلى استحبابه، أو كراهيته، وإن كان القلة منهم رأى الترك، ولزوم الصبر هو الفضيلة، لمن استطاع التحمل، في حين أن أكثرهم رأى أهمية التداوي، وليس على الإنسان تعريض نفسه للخطر. محذرا التمسك بظاهر القرآن أو السنة، فلربما يضل الإنسان إن اعتمد فهم النصوص على ظاهرها، واعتقد الصواب حسب فهمه، فالحديث أحيانا يسبب الإشكال عن مراده الحقيقي.