يناقش عدد من الأطروحات والبحوث خلال مؤتمر الفقه الإسلامي الثاني «قضايا طبية معاصرة»، الذي تنطلق فعاليته في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية غداً، مواضيع التداوي بدواء فيه خمر والمواد المخدرة عند الحاجة. وذكر أستاذ الدراسات العليا الشرعية في جامعة أم القرى في مكةالمكرمة الدكتور ياسين الخطيب، أن الإسلام حافظ على الضروريات الخمس، ومنها حفظ النفس، ومنع المساس بها، أو التقرب ناحيتها، وجعلها حدوداً لا يجوز تجاوزها، وحث على المحافظة عليها بالتداوي، مشيراً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم تداوى كما تداوى أصحابه. وتابع: «من سعة الله تعالى ورحمته أن أباح للإنسان أن يتداوى بالدواء الذي استهلك فيه أشياء محرمة أو نجسة، ما دامت مستهلكة لا يظهر لها أثر». وشدد على أنه «كلما كانت المادة محرمة، فلا يجوز التداوي بها إذا كانت صرفاً لم يخالطها غيرها، ولم تستهلك فيه، إلا إذا كان مضطراً إليها لا يجد غيرها، وبحسب الشروط التي وضعها العلماء». ولما كان التداوي قد يخالطه شيء مما هو «حرام أو نجس»، فإن العلماء، بحسب الخطيب، بحثوا هذا الموضوع، وأولوه عنايتهم، ووضعوا لكل حالة الأحكام الصحيحة بحسب الأدلة التي أوصلتهم إليها، مؤكداً أن «الإسلام وضع لحالات التداوي قواعد تضبط مساره، وتحدد معالمه حتى لا يكون هذا الموضوع سائباً يلجه كل من أراد، كما وضع العلماء للتداوي بالمحرمات شروطاً بينوا فيها أنه لا يجوز تناول الدواء الذي فيه شيء من المحرمات إلا إذا توافرت جميع هذه الشروط». وتطرق إلى أن الرأي الراجح هو أن التداوي من الحاجات التي تصل إلى الضرورة، ويجب أن يكون هناك من يصلح لعلاج الناس. وتابع: «معلوم أن العلماء قالوا إن وجود الطبيب من فروض الكفايات، والله تعالى أباح للإنسان إذا فقد عضواً مما يكثر مماسته للماء أن يتخذه من الذهب حتى لا ينتن عليه، فأباح له الأنف من الذهب، وشد الأسنان بالذهب، واتخاذ الأنملة منه». فيما ذهبت الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الإسلامية (تخصص الفقه) في جامعة أم القرى الدكتورة ابتسام بنت عويد المطرفي، إلى أن «الرأي الراجح هو جواز التداوي بدواء فيه شيء من الخمر بشرط أن يصفه طبيب مسلم، ماهر، عالم بأن الشفاء فيه، وأن يكون المستعمل قليلاً لا يسكر»، غير أنها شددت على «تحريم التداوي بالخمر الصرف مطلقاً». وأكدت أن الرأي الراجح هو «جواز التداوي بالمواد المخدرة مثل الأفيون، البنج، وجوزة الطيب والزعفران، وما جرى مجراهم من الأدوية بشرطين: إذا دعت الحاجة إلى التداوي بها، ولم يكن منه بُد، وألا يوجد ما يقوم مقامها»، مشيرة إلى أن «الرأي الراجح هو جواز التداوي بالمحرم أو النجس في حال الاضطرار، إن لم يجد المباح الطاهر الذي يقوم مقامه، وأخبره طبيب مسلم عدل أن شفاءه فيه». ولفتت إلى أن «اتفاق الفقهاء على جواز التداوي بالمواد السمية على أن يكون المقدار قليلاً ظاهره السلامة، بخلاف القدر المضر فإنه يحرم تناوله»، مبينة أن «الاستحالة مطهرة للنجس أو المحرم، وعليه يجوز استخدام الأدوية التي تشتمل على نجاسة أو محرم مستحيل إلى مواد أخرى تخالف عينة مخالفة حقيقية»، موضحة أن «استهلاك المادة المحرمة أو النجسة في طاهر يذهب النجاسة والحرمة، وعليه فإنه يجوز استخدام الأدوية التي استهلك فيها شيء من الخمر أو النجاسات».