نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام، افتتح صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية مساء أمس الأول (المؤتمر الدولي الثاني للفقه الإسلامي .. قضايا طبية معاصرة) الذي تنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على مدى ثلاثة أيام . كما دشن سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز عددا من المشروعات التعليمية بالجامعة وصلت تكلفتها إلى نحو 6ر1 مليار ريال ، وأطلق كذلك المرحلة الثالثة من البوابة الإلكترونية للجامعة. || وقد ألقى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز الكلمة التالية .. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أصحاب السمو.. سماحة المفتي أصحاب الفضيلة والمعالي .. أصحاب السعادة .. أيها الأخوة الحضور .. إنه من دواعي سعادتي وسروي أن أتشرف بافتتاح هذا المؤتمر الإسلامي في هذه الليلة الطيبة نيابة عن سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام والذي يأتي انعقاده في إطار رعاية وتوجيه سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رعاه الله واهتمامه الدائم بكل مافيه سعادة أبناء هذا الوطن الكريم وخدمة الإسلام وإعلاء شأن المسلمين وسعادة الإنسانية جمعاء. أيها الأخوة .. إن عالمنا المعاصر يشهد تطوراً متسارعاً في العلوم والمعرفة والإنسانية خاصة في العلوم الطبية التي تحتل أهمية كبرى لتعلقها بحياة الإنسان وسلامته ولا شك أيها الأخوة أن شريعة الإسلام هي الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان وهي الشريعة التي أعلت من شأن الإنسان وأوجبت المحافظة عليه وجعلت ذلك مصلحة عليا يتوقف عليها صلاح الدين واستقامة الحياة وسعادة الفرد والأمة في الدنيا والآخرة. أيها الأخوة: إن العقل نعمة عظيمة بها ندرك حقوق الخالق ومعرفة الحق ومصلحة الخلق إلا أن هذه النعمة قد قيدها الخالق جل شأنه بالشرع الحنيف وضوابطه المرعية.. تحقيقاً للمصلحة وابتعاداً عن المفسدة. ولذلك أيها الأخوة : نجد أن ما طرأ من تجاوزات في مجال الطب في واقعنا المعاصر كانت بسبب الاجتهادات الطبية التي لا تحكمها ضوابط شرعية مما يستوجب بالضرورة أن يكون هناك تعاوناً بين رجال العلم الشرعي وعلماء الطب البشري وصولاً إلى وضع ضوابط ومعايير ترشد الاجتهاد الطبي لما فيه صالح الإنسان وقبل هذا وذاك مرضاة الله الذي ينزل الشفاء ويذهب البلاء بحكمته وتدبيره. أيها الإخوة : إننا نتطلع إلى أن يسهم هذا المؤتمر بأبحاثه العلمية في تقديم الحلول المناسبة للقضايا الطبية المعاصرة راجين من الله العلي القدير للقائمين عليه والمشاركين فيه التوفيق والسداد، شاكراً ومقدراً لمعالي مدير الجامعة الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل هذه المبادرة المباركة والتي تؤكد إسهامات هذه الجامعة العريقة في خدمة قضايا المجتمع وتعكس المكانة المتميزة التي وصلت إليها جامعة الإمام في ظل النهضة التعليمية التي تعيشها هذه البلاد المباركة في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين يحفظهما الله ، ومن الله وحده نستمد العون والتوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وقد انطلقت صباح أمس الأحد في رحاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية جلسات وفعاليات المؤتمر . وفي الجلسة الأولى التي كانت بعنوان (الامتناع عن العلاج) ورأسها عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم الدكتور مزيد المزيد ومقرر الجلسة الدكتور عبدالرحمن الجريوي، واحتوت على خمس أوراق عمل لكل من الدكتور أحمد بن يوسف الدريويش، والدكتور فيصل بن سعيد بالعمش، والدكتور عبدالكريم السماعيل، والدكتور محمد بشير البشير، والدكتور عبدالله بن إبراهيم الموسى. وطالب أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء وكيل الجامعة للمعاهد العلمية الدكتور أحمد بن يوسف الدريويش الأطباء بالتخلق بالأخلاق الحسنة التي جاءت الشريعة السمحة بها، ومنها الرحمة وتقديم العلاج بكل رحابة صدر والصبر على الناس وأذاهم والسعي الحثيث لإنقاذ وإسعاف وعلاج المريض دفعا للتهلكة عنه وإنقاذاً له. وقال (يعد الامتناع عن إسعاف المريض ورفض علاجه محرما، ومخالفا لأخلاق الطبيب) وذكر في ورقة العمل التي قدمها بعنوان (أخلاقيات المهنة) بعض الأسباب التي ذكرها بعض الأطباء لرفع الأجهزة عن المريض وإيقاف الإنعاش القلبي الرئوي (DNR) ومنها الآلام النفسية التي تسببها رعاية الجثة لأسرة الميت دماغياً, التكاليف الباهظة لأجهزة الإنعاش، وعدم الجدوى من مثل هذه المعالجة، وبين أن حال المريض وحاجته للإنعاش القلبي الرئوي لا يخلو من حالات بعضها يجوز فيه إيقاف الإنعاش القلبي الرئوي, وبعضها لا يجوز, وبعضها متردد بين الجواز وعدمه, وفصل الحديث حولها. من جانب آخر أوضح أستاذ الفقه المشارك بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء الدكتور عبدالله بن إبراهيم الموسى أن الطبيب الذي يعمل لحسابه الخاص حرّ في مزاولة عمله من قبول أي حالة أو رفضها، وفي أي وقت يشاء، مؤكداً أن امتناعه عن تلبية دعوة المريض لا يترتب عليه أية مسؤولية. وأضاف في ورقة عمل قدمها بعنوان (امتناع الطبيب عن العلاج بين الشريعة والقانون) الطبيب الذي يعمل بالمستشفيات الحكومية يعد علاج المرضى فرضا عليه، وإذا امتنع تترتب عليه أحكام جنائية ومدنية، أما الجنائية فلأن الممتنع تسبب بالقتل وهي صورة من صور الجريمة السلبية ويترتب على ذلك الدية لأنه تسبب في هلاكه, وأشار إلى أن في احتكار بعض الأطباء علاج للمرضي خطا كبير يلزم رفع الأمر إلى الإمام، فيعظه ويهدده، فإن لم يفعل ورفع إليه ثالثة حبسه وعزّره زجراً له عن سوء تصرفه ويصار إلى إلزامه بعلاج المريض لأن في احتكار حالة أضيق، وضرورة أعظم مشيراً إلى أنه إذا لم يكن هناك إلا طبيب واحد، تعيّن الواجب عليه، وصارت معالجته للمرضى فرض عين، فإن امتنع كان آثماً، ولولي الأمر أن يلزمه بالعلاج، لسدّ حاجة المجتمع ومن باب أولى أن يجبرهم ولي الأمر على فتح عياداتهم، واستقبال المرضى، ومثلهم الصيادلة وباقي أصحاب المهن التي يحتاجها المجتمع، كما تطرق إلى ضوابط مسؤولية الطبيب الممتنع وبعض أحكام التقاضي ضده بالإضافة إلى آراء بعض علماء القانون وأورد عدداً من المواد حول هذا الأمر. وأوضح وكيل كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالأحساء الدكتور عبدالكريم بن محمد السماعيل (بأنه يأثم الممتنع من الإسعاف إذا قدر عليه ولم يفعل، لأنه ترك واجباً عليه، واختلف العلماء في وجوب الدية أو القصاص فرأوا أنه ليس عليه قصاص لأنه ليس له يد في ذلك ورجحوا أن عليه دية لعدم إنقاذ غيره من هلكة لأنه قادر على مساعدته وكذلك الجنين في بطن أمه يسعف الجنين الذي ماتت أمه بشق بطنها إذا رجيت حياته لأن هذا أصبح ميسوراً بالعصر الحديث عن ذي قبل وتطور الطب الحديث). وأضاف (يأثم الممتنع من الإسعاف إذا قدر على الإسعاف ولم يفعل، لأنه ترك واجباً عليه). وقد حظي محور (الامتناع عن العلاج) بمناقشات صريحة وواضحة واختلاف في وجهات النظر بين عدد من الحضور والباحثين. بينما جاءت الجلسة الثانية التي رأسها معالي مدير جامعة المجمعة الدكتور خالد بن سعد المقرن، وقررها الشيخ رائد بن عبدالرحمن الشعلان. واستهلت الدكتورة خيرية بنت عمر موسى الأستاذة المساعدة بجامعة أم القرى أوراق العمل بورقتها التي جاءت بعنوان (قواعد وضوابط التداوي في الشريعة الإسلامية) ، وتناولت فيه ثلاثة مباحث هي الضوابط المتعلقة بالمرض والمريض، والضوابط التي تتعلق بالطبيب والصيدلي، والضوابط المتعلقة بالدواء. وقد استنتجت الباحثة من خلال هذا البحث عدداً من التوصيات من أبرزها رعاية الإسلام للجانب الصحي، وتقديمه في الأولوية على الجوانب الأخرى المهمة في الإسلام وأسبقية الإسلام للحضارة الغربية في تقرير مبدأ الحجر الصحي، وتأسيس أصوله، وضبط قواعده والاستحالة إن صلحت أن تكون ضابطاً للحكم على الأشياء بالطهارة فلا يلزم أن تصلح لأن تكون ضابطاً لحل المادة المستحيلة ويجب أن يكون للمسلمين دور فاعل في منظمة الصحة العالمية؛ فلا يقتصر دورهم على العضوية الشرفية فحسب؛ بل لابد أن يكون للأكفاء منهم دورٌ رئيسٌ في إصدار اللوائح والقرارات الحاسمة والمهمة ويجب أن تقنن القواعد والضوابط الفقهية المتعلقة بأحكام التداوي وتضاف لمناهج علوم الصيدلة المقررة على الطلبة المسلمين حتى لا تكون مرجعيتنا في المجال الصحي قاصرة على الفكر الغربي المادي. ومن جانب آخر رجحت الدكتورة ابتسام بنت عويد المطرفي الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى في بحثها حول (التداوي بالمحرمات) تحريم التداوي بالخمر الصرف مطلقاً، مشيرةً إلى أن الرأي الراجح هو جواز التداوي بدواء فيه شيء من الخمر بشرط أن يصفه طبيب مسلم، ماهر، عالم بأن الشفاء فيه، وأن يكون المستعمل قليلاً لا يسكر. وأضافت بأن الرأي الراجح في التداوي بالمواد المخدرة مثل الأفيون، البنج، وجوزة الطيب والزعفران، وما جرى مجراهم من الأدوية جائز بشرطين: إذا دعت الحاجة إلى التداوي بها، ولم يكن منه بُد، وألا يوجد ما يقوم مقامها. كما بينت بأن الرأي الراجح هو جواز التداوي بالمحرم أو النجس في حال الاضطرار، إن لم يجد المباح الطاهر الذي يقوم مقامه، وأخبره طبيب مسلم عدل أن شفاءه فيه. وأوضحت الدكتورة ابتسام بأن الفقهاء اتفقوا على جواز التداوي بالمواد السمية على أن يكون المقدار قليلاً ظاهره السلامة، بخلاف القدر المضر فإنه يحرم تناوله. وإن الاستحالة مطهرة للنجس أو المحرم، وعليه يجوز استخدام الأدوية التي تشتمل على نجاسة أو محرم مستحيل إلى مواد أخرى تخالف عينه مخالفة حقيقية. وختمت بحثها بأن استهلاك المادة المحرمة أو النجسة في طاهر يذهب النجاسة والحرمة، وعليه فإنه يجوز استخدام الأدوية التي استهلك فيها شيء من الخمر أو النجاسات. ويوضح الأستاذ الدكتور محمد عبدالحميد السيد متولي أستاذ الفقه ووكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر في بحثه (التداوي بالوسائل الطبية المعاصرة) بأن التداوي هو رد الجسم إلى المجرى الطبيعي بالموافق من الأدوية المضادة للمرض للشفاء منه، أو التخفيف من الآلام والحد منها بالوسائل الطبية المعاصرة , مشيراً إلى أن حكم التداوي وطلب العلاج في الأصل الجواز, وتعتريه الأحكام التكليفية، ويختلف حكمه باختلاف الغاية منه، وبين بأن من الصور المتفاوتة في الحكم ما يلي حفظ الصحة الموجودة، واستعادة الصحة المفقودة بقدر الإمكان، وإزالة العلة أو تقليلها بقدر الإمكان، وتحمل أدنى المفسدتين لإزالة أعظمهما، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما. وحول صناعة الدواء قال الدكتور متولي إنها تدخل ضمن مسؤولية ولي الأمر، وله الإشراف على صناعة الدواء وملاحقة أصحاب المصانع غير المصرح بها والتي لا تستوفي الشروط اللازمة للتصنيع الجيد، وملاحقة المتاجرين بالأدوية مجهولة المصدر، أو المهربة من خارج البلاد، وأضاف بأن العمل على إقامة صناعة دوائية في البلاد الإسلامية تعمل على إيجاد أدوية خالية من المشتقات المحرمة. وختم بحثه بأن من ضوابط استعمال الدواء: التزام المريض بالكمية والكيفية التي يحددها الطبيب المعالج، وعدم إساءة استعمال الدواء المباح بصورة تضر بصحة أفراد المجتمع، والتدرج في استعمال الأدوية المحرمة فيجعل آخرها استعمالا أو تناولا الخمر لأنها أم الخبائث. ثم أشارت الدكتورة زينب عياد حسن عبدالله المدرسة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر في بحثها (أثر التداوي على الصلاة والصيام) إلى بيان أثر التداوي ببعض المستجدات الطبية على صحة الصلاة والصيام، والتي تتمثل في مشروعية التداوي بل وإنه مندوب إليه من أجل المحافظة على نعمة الصحة وبطلان الصلاة لمن تعاطى دواء فيه نجاسة في ظاهر البدن حتى يزيل أثره وصحة الصلاة لمن تعاطى دواءً به نجاسة وصلت إلى باطنه للعجز عن إزالته وصحة الصلاة مع العضو النجس المزرع في جسم الإنسان إذا ترتب على نزعه ضرر يلحق به سواء وجد عضو طاهر يقوم مقام النجس أم لا؟ وأن من زال عقله بالإغماء لا يلزمه قضاء ما فاته من الصلوات أثناء ذلك إلا الصلاة التي أفاق في وقتها فيؤديها دون غيرها، وعليه فمن تعاطى مخدراً لإجراء عملية له لا يجب عليه قضاء ما فاته إلا الصلاة التي أفاق في وقتها فيؤديها وإن كان الأحوط هو أن يقضي جميع الصلوات وجواز الجمع بين الصلوات للمريض الذي سوف تجرى له عملية جراحية بتخدير كلي متى دخل وقت الأولى وصاحب القسطرة والشرج الصناعي عليه أن يتوضأ لوقت كل صلاة وبخاج الربو لا يفطر الصائم لكن إن أمكن للمريض تأخير ذلك إلى بعد الفطر دون أن تلحقه مشقة فالأفضل تأخيره وما يوضع تحت اللسان من أقراص لعلاج بعض الأزمات غير مفسد للصيام لكن بشرط أن ما يتحلل من هذا القرص لا يبتلعه الصائم والتقطير في الأنف في نهار رمضان غير مفسد للصيام بشرط أن لا يبلع الصائم ما يصل إلى حلقه والتقطير في العين أثناء الصيام غير مفطر والتقطير في الأذن غير مفطر إلا إذا صارت الأذن منفذاً إلى الجوف والإقطار في الإحليل غير مفسد للصيام وإن وصل إلى المثانة حيث لا منفذ بين المثانة والمعدة، وبناءً عليه فإن تركيب قسطرة للمريض في نهار رمضان أو تناوله أدوية أو عمل منظار له غير مبطل للصيام والتقطير في قبل المرأة غير مبطل للصيام والتداوي بالحقن الشرجية مبطل للصيام لكونها تصل إلى الجوف عبر منفذ معتاد واستعمال اللبوس الشرجي غير مبطل للصيام والتداوي عبر المسام غير مفسد للصيام والتداوى بالحقن غير المغذية سواء كانت تحت الجلد أو في العضل أو في الوريد لا يبطل الصيام. والتداوي بالحقن المغذية عبر الأوردة في نهار رمضان مبطل للصيام . وختمت الجلسة باستقبال مداخلات الحاضرين والحاضرات والمتعلقة بمحور الجلسة. فيما أتت الجلسة الثالثة برئاسة معالي مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا،والتي بدأها بالترحيب بالحضور والمشاركين وتقديم نبذة مختصرة عن المشاركين ببحوثهم بالجلسة. ثم بدأت الجلسات بورقة بحث لأستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بالرياض الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبدالواحد الخميس أوضح فيها أن المراد ببنوك الحيامن والبييضات أنها مخازن لحفظ وتخزين الحيوانات المنوية البشرية واللقائح بواسطة تبريدها وتجميدها في مختبر ذي خصائص فيزيائية وكيميائية مناسبة تحفظ فيه لفترة مناسبة حسب الطلب. وبين أن السبب في إنشاء بنوك الحيامن والبييضات له جانبان: جانب فطري، وهو تحقيق الرغبة في إنجاب الأولاد،وجانب مادي، وهو حصول المراكز العلمية على المال سواء كان بطريق مشروع أو غير مشروع. وأكد الدكتور الخميس بأن البنوك التي تقوم بخلط السوائل المنوية دون أن تقوم بتحديد أصحابها، أو تبيع المني، أو تقوم بتلقيح الزوجة بعد وفاة زوجها من مائه، أو بالبيضة الملقحة منه، لا يجوز التعامل معها, وأن ما تقوم به محرم،و أن إنشاء بنوك للمني والبيضات الملقحة في الحالات المشروعة محل خلاف بين العلماء المعاصرين والحالات المشروعة تنحصر في مجال الزوجية ويجوز إنشاء هذه البنوك بضوابط وهي أن يتم حفظ الحيامن والبيضات في أوعية لا يقع معها اختلاط،و أن لا تعطى إلا للزوجة أثناء قيام الزوجية. بعد ذلك ألقى الدكتور غياث الأحمد ورقة بحثه المشترك مع الدكتور عبدالعزيز السويلم ،والدكتور محمد الجمعة وبين فيها بأن البنوك الحيوية البحثية تعتبر الركيزة الأساسية لكل البحوث الطبية المستقبلية، فهي بما توفّره للباحثين من مواد وعينات، ومعلومات وبيانات، ووسائل بحثية، تشكّل تربة صالحة وبيئة ملائمة لنهضة بحثية طبيّة متميّزة، وأن وجود بنك حيويّ في بلد لا يُغني عن وجوده في بلد آخر؛ لاختلاف الجينات بين أفرادها، وتباين العوامل الوبائية بينها، وخصوصاً الظروف البيئية التي تظهر كثير من الدراسات الحديثة أهميتها في إحداث وتطوّر الأمراض. وأضاف بأن تأسيس بنك حيويّ في المملكة العربية السعودية في مركز الملك عبدالله العالمي للبحوث الطبية بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنيّة، خطوة رائدة في هذا المجال على مستوى الوطن العربي والعالم الإسلامي، ويتوقع أن تصل القدرة الاستيعابية لهذا البنك إلى حوالي 200 ألف مشارك، وسيكون هذا البنك بمشيئة الله تعالى القاعدة الأساسية للبحوث الطبية المستقبلية في مدينة الملك عبدالعزيز للحرس الوطني. وأكد اهتمام جهات عديدة في الآونة الأخيرة، بتأسيس بنوك حيويّة لغايات بحثيّة، وجعلها متاحة أمام الباحثين. وأصبحت الحاجة ماسّة لتنظيمها، وإجراء الدراسات المختلفة حولها،وخصوصاً لاشتمالها على خطورة كبيرة، تتمثّل باطّلاع الباحثين على المعلومات والبيانات الشخصيّة، وذلك من أجل تنظيم إجراء البحوث العلميّة بفعاليّة، مع المحافظة على الحقوق والواجبات، ومن القواعد التي ينبغي أن يلتزم البنك الحيوي البحثي بها عدم استخدام عينات المتبرعين وبياناتهم لغايات تجارية، فلا يحق له بيعها والمتاجرة بها. واختتم ورقة بحثه بتحريم مجلس المجمّع الفقهي الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، بقراره الثالث، بيعَ الدم. ومن هنا فلا يجوز تأسيس بنك حيوي بحثي، على أساس شراء العينات من المشاركين، إنّما يكون بالتبرع الطّوعي المجاني. بعد ذلك أكد أمين مصادر التعلم بتعليم مكةالمكرمة الباحث الدكتور عبدالرحمن محمد أمين طالب خلال ورقة بحثه تحريم إنشاء بنوك المني بلا تردد للأسباب التالية أن هذه البنوك تعيش فوضى عارمة في تضييع الأنساب ومن الضرورات التي عظمتها الشريعة (النسب) وقد ذكرت المصادر الغربية أن بنوك المني تستخدم مني رجل واحد لتلقيح مئة امرأة بل ذكر مركز هاستنجس (Hastings) حالات تكون فيها أم الطفل جدته وأخته في وقت واحد، وقد جاء في الخبر: (أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته) ، وأن فكرة البيع والشراء للمني يرفضها الإسلام أصلاً فإذا جاء النهي في تحريمها في الحيوان الذي لا ينظر لنسبه، فكيف بالإنسان المكرم الذي ينبني على النسب أحكام مهمة ، وأن اختيار المرأة أن تلقح نفسها بمني معين ذي خصائص معينة هو يقوم مقام نكاح الاستبضاع الذي كان في الجاهلية وجاء الإسلام بتحريمه ، وأن دخول المني لفرج المرأة - غير الزوجة وملك اليمين - من الكبائر فهو في حكم الزنا ، وأن أساس هذه البنوك يتعارض مع أصول الشرع ومبادئ الفطرة حيث يولد أبناء بلا آباء مع العبث بماء الرجل والمرأة وإحداث مسائل معقدة كما لو حملت الزوجة بلقاح زوجها بعد ربع قرن من الزمان فكيف تنضبط قضية الميراث والنسب والوقف والحقوق الأخرى. وأكد الدكتور طالب تحريم إنشاء بنوك المني للدواعي الطبية لأن رعاية النسب والبعد عن مواطن الشبه وقفل أبواب التلاعب هو المتعين لقوله صلى الله علية وسلم: (دع ما يريبك إلى مالا يريبك) وهذا القول عليه عامة العلماء المعاصرين،بينما يجوز إنشاء البنوك الجينية في النباتات والحيوانات للقاعدة الشرعية أن (الأصل في الأشياء النافعة الإباحة، والأصل في الأشياء الضارة التحريم) وتكون بعض الممارسات محرمة إذا كان فيها ضرر وعبث وتغيير لخلق الله. كما أشار إلى جواز إنشاء بنك الجينيوم البشري واستخدام الهندسة الوراثية لتعديل صفة وراثية تحتوي على مرض وراثي معين أو مرض ناتج عن خلل معين في المورثات مثل التخلف العقلي أو السرطان أو العمى ونحو ذلك ولا يخرج ذلك عن السبب لحصول الوقاية أو الشفاء وهو مأمور به شرعاً ولا يجوز إنشاء هذه البنوك بقصد التدخل في تغيير صفات الإنسان والعبث بموروثاته لأن ذلك من تغيير خلق الله. واختتم بأنه لا خلاف بين العلماء المعاصرين في تحريم إنشاء بنوك الأجنة التي تقوم على البيع أو التبرع للآخرين، أو تقوم بخلط البيضات والأجنة المجمدة ولا تهتم بقضايا النسب ولا يتصور أن يخالف في ذلك فقيه من الفقهاء المعتبرين. وأشار أستاذ الدراسات العليا الشرعية بجامعة أم القرى الأستاذ الدكتور ياسين بن ناصر الخطيب خلال ورقة بحثه أن عمل بنوك للمنويات وللبيضات، وعمل بنوك للَّقائح الفائضة فتجمد لوقت الحاجة جائز لقيام الضرورة القصوى لذلك، وأما عن خوف اختلاط المنويات والبيضات واللقائح بغيرها، ومن ثم اختلاط الأنساب، فيجب أن نعمل كل ما في وسعنا لنمنع اختلاط المنويات مع بعضها، واختلاط البيضات مع غيرها، ونمنع اختلاط اللقائح المجمدة لإنسان مع لقائح إنسان آخر،وعلى الحكومات الإسلامية أن تراقب مثل هذه الأمور ولا تسمح بما يشين الإنسان، وبين أن السبب في عدم الاكتفاء بالقليل من الحويمنات المنوية والقليل من البيضات، راجع إلى كثرة التكاليف الجسدية والنفسية والمالية التي ترهق المريض، وبين فوائد الهندسة الوراثية بالنسبة للإنتاج النباتي والحيواني؛ وأن هذا جائز شرعًا. كما تطرق الخطيب إلى حكم التداوي بالجينات وجواز الاستفادة منها وقت الحاجة لأنه لا يؤدي إلى اختلاط الأنساب، ولأنه لا يمكن الاستفادة منها حين أخذها من مصدرها لتوضع في المريض مباشرة، كما وضع ضوابط للاستفادة من الجينات. وأكد جواز ترك الأجنة الفائضة عن الحاجة حتى تموت، وأنه ليس بإجهاض، وأنه جائز لأن هذه الأجنة وهي لم تدخل إلى الرحم لا تسمى إنسانا؛ ومن ثم فلا يكون تركها حتى تموت إجهاضًا. وقد اختتمت الجلسة بالإجابة عن أسئلة الحضور والحاضرات حول محاور الجلسة وشهدت تفاعلاً كبيراًَ.