زحفت القوات التابعة للزعيم الليبي معمر القذافي نحو الشرق في اتجاه بنغازي معقل المعارضة المسلحة في ليبيا وتوقعت حكومته تحقيق النصر خلال أيام، في الوقت الذي واصلت فيه قوى عالمية بحث مسألة فرض منطقة حظر طيران للمساعدة على وقف زحف قواته شرقا. وأدانت قوى أجنبية القمع لكنها لم تبد حماسة كبيرة للعمل على دعم انتفاضة المعارضة الليبية. وعمل المؤيدون لفرض منطقة حظر طيران لوقف الضربات الجوية للحكومة الليبية على تداول مشروع قرار في مجلس الامن التابع للأمم المتحدة أمس الأول يسمح بمثل هذه الخطوة، لكن دولا أخرى قالت انه ما زالت هناك تساؤلات. ووزعت بريطانيا ولبنان مشروع قرار فرض حظر الطيران خلال اجتماع مغلق بعد أن دعت جامعة الدول العربية مجلس الامن السبت الى فرض منطقة حظر وسط زحف قوات القذافي بهدف القضاء على قوات المعارضة المتمركزة في الشرق. وصرح المندوب الالماني بيتر فيتيج للصحافيين بعد الاجتماع بأن بلاده ما زالت لديها تساؤلات. وقال فيتيج: " نحن نطرح الاسئلة التي نشعر انها لم تلق اجابة كاملة بشأن المشاركة العربية في هذا الاجراء، وما اذا كان اقامة مثل هذه المنطقة يتعارض مع هدف الجامعة العربية نفسها فقد اشارت الجامعة العربية الى وجوب عدم التدخل الاجنبي." ومن بين الدول التي لديها شكوك إزاء فكرة فرض حظر جوي فوق ليبيا روسيا، الصين، والولايات المتحدة وهي دول تملك حق النقض (فيتو) في مجلس الامن الى جانب البرتغال، ألمانيا، وجنوب أفريقيا. وقال مسؤول رفيع في الخارجية الليبية ان الحكومة تأمل في استعادة السيطرة على كل الاراضي التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة قريبا. وأبلغ نائب وزير الخارجية الليبي خالد الكعيم مصادر إعلامية في طرابلس : "نأمل بأن يحدث هذا في أقرب وقت ممكن. امل بأن يتحقق في غضون أيام"، مضيفا ان الحكومة تعتقد ان هناك ما يصل الي 3000 معارض مسلح يقاتلون ضد القوات الحكومية من معقلهم الشرقي في بنغازي. وفي كلمة ألقاها القذافي ونقلها التلفزيون شن هجوما عنيفا على من يساندون فرض منطقة لحظر الطيران فوق لبييا. وقال أمام تجمع لانصاره في مجمع باب العزيزية فيبوسط طرابلس : " فرنسا راحت ترفع في رأسها وتقول اضربوا ليبيا، احنا اللي نضربوك.. ضربناك في الجزائر.. ضربناك في فييتنام. احنا اللي ضربناك.. انت اللي تضربنا.. جرب تعالي." وفي تجمع مسائي داخل خيمة كبيرة في طرابلس أدان القذافي المعارضين ووصفهم ثانية بالجرذان والمنافقين والخونة. وبينما كان يتحدث تجمع الالاف في ساحة في بنغازي ووصفوه بأنه مستبد وألقوا بالاحذية وأشياء أخرى على صورته التي كانت معلقة على الحائط على نحو عكسي. وبدت ثاني أكبر المدن الليبية التي تتمركز بها قوات المعارضة عرضة للهجوم بعد أن سيطرت القوات الحكومية على مفترق طرق عند أجدابيا ما يفتح الطريق الى بنغازي. وقال التلفزيون الحكومي في اشارة الى قوات المعارضة التي تحارب لانهاء حكم القذافي المستمر منذ 41 عاما انه تم تطهير بلدة أجدابيا من "المرتزقة و الارهابيين" المرتبطين بتنظيم القاعدة. وقال الكعيم ان ليبيا ستحترم العقود القائمة مع شركات النفط الغربية، وان الازمة ربما تؤثر على التعاون معها في المستقبل. وفي وقت سابق أمس الأول أطلقت طائرات صواريخ على نقطة تفتيش تابعة للمعارضة المسلحة عند المدخل الغربي لاجدابيا، ثم أطلقت وابلا من المدفعية على البلدة وعلى مستودع مجاور للاسلحة وذلك طبقا لنمط من الهجوم أجبر قوات المعارضة على التقهقر أكثر من 160 كيلومترا في هجوم مضاد مستمر منذ أسبوع تشنه القوات الحكومية. والى جانب الطريق الساحلي المؤدي الى بنغازي، هناك أيضا 400 كيلومتر من الطريق الصحراوي حتى طبرق قرب الحدود المصرية، ما يعني قطع بنغازي عن العالم الخارجي. لكن لم يتضح ما اذا كانت القوات الموالية للقذافي قوية بما يكفي لفتح جبهة ثانية، وما اذا كانت قادرة على تسيير خطوط امدادات بطول هذه المسافة. وكان المزاج السائد في بنغازي هو الاصرار لكن مع قدر من الخوف. وقال محمد ياسري (55 ) عاما : "في الحقيقة.. نحن جميعا خائفون." وتحدث حلف شمال الاطلسي عن ثلاثة شروط لفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا هي التأييد في المنطقة، والدليل على أن مساعدته مطلوبة، وقرار من مجلس الامن. وتمثل دعوة الجامعة العربية تلبية للشرط الاول لكن مع عدم القدرة على الدخول الى أغلب أجزاء ليبيا بسبب وجود القوات الامنية الموالية للقذافي فمن الصعب الحصول على أدلة ملموسة على الحاجة الى تدخل حلف شمال الاطلسي للحيلولة دون وقوع فظائع أو كارثة انسانية. وقالت مفوضية الاممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين ان أعدادا متزايدة من الليبيين يعبرون الى الحدود المصرية فرارا من زحف القذافي.