المكان: مركز المعارض الزمان: 9 صباحا الحدث: آلاف الشابات والشبان ينقذون جدة «السلام عليكم.. صباح الخير.. الله يقويكم.. يعطيكم العافية.. أفطروا قبل بداية العمل.. كل واحد يأخذ مكانه.. توكلوا على الله..»، وتمضي قافلة الخير في جدة، يصافح الشابات والشبان عروسهم الجريحة بالعزيمة والإحساس بالمسؤولية، تعلوا رؤوسهم لوحات تشحذ همهم كتبوا عليها «يا أهل الرخا.. جدة في شدة». يشرق صباح مختلف على المدينة الجريحة، القلوب المليئة بالحب والسواعد والعقول المتقدة إرادة وعزيمة تجتمع في مركز المعارض، تلتقي التبرعات مع أصحاب العزم الأكيد على ترميم ما يمكن ترميمه، لتنطلق قوافل المساعدات محفوفة بالدعوات والأمل في رسم الابتسامة. للمرة الثانية على التوالي وبخبرة إدارة المساعدات في الفاجعة الأولى يقود لجنة المتطوعين الشاب أحمد عريف يوزع الأدوار باقتدار وينسق بين الفرق الميدانية والأخرى المتواجدة في مركز المعارض. الاستفادة من الدروس يتحدث عريف عن التجربة الجديدة: «استفدنا من دروس الفاجعة الأولى في المرة الأولى بلغ المتطوعون ستة آلاف، وهذه المرة ثمانية آلاف وسريعا طبقنا آلية عمل أكثر تطورا ومرونة وتنظيما وأقفلنا باب التطوع الآن كي تسير العملية بسرعة وهدوء». غياب متبرعين يتنهد عريف عند الحديث عن التبرعات: «في اليوم الأول جاء رجل أعمال وقدم نصف مليون ريال تبرعات دفعة واحدة وبحق شعرنا بأمل وتفاؤل كبيرين وانطلقنا نعمل، في الأيام التالية اعتمدنا على الجمعيات الخيرية ومازلنا». ويتأسف عريف من عدم تجاوب البنوك وبعض رجال الأعمال مع نداءات المتطوعين: «نحن لسنا مخولين بجمع التبرعات ووضعنا ذلك حتى في بطاقات التعريف وكتبنا حرفيا «غير مصرح له بجمع التبرعات»، وما نطلبه باختصار أن تتبرع البنوك والشركات الكبيرة ورجال الأعمال عبر القنوات الرسمية والجمعيات الخيرية ومن ثم تحول إلينا لنوزعها وفق آلية دقيقة وواضحة جدا إلى المنكوبين مباشرة ووفق احتاج كل أسرة على حده». لا يود عريف الإسهاب في هذا الجانب إلا أنه يتحدث أخيرا: «تتصل بعض المصارف والشركات للحديث عن تقديم دعم بالموظفين ونبلغهم أن لدينا ما يكفي من المتطوعين هناك ثمانية آلاف نحتاج فقط دعما ماديا وحقيقة البعض يحضر مجموعة من موظفيه لساعات للتصوير ومن ثم يغادرون». تنوع وتخصص وبالعودة إلى أرض العمل التطوعي في مركز المعارض والأحياء المتضررة يوضح عريف أن حماس الشبان وتنوع اختصاصاتهم المهنية أسهم في توزيع الأدوار بينهم بشكل منظم ما جعل تجربة التطوع تكون أكثر نضجا وقوة في التأثير. ويشرح قائد المتطوعين آلية العمل بأنها تبدأ بالتفريغ والتنزيل من قبل الشبان فقط، بينما تحول إلى سلال للتموين والنظافة عبر الفتيات، ومن ثم تنقل بواسطة الفرق الميدانية إلى المناطق المتضررة ابتداء المنطقة التي تسمى «الخط الأحمر» مثل حيي أم الخير والنخيل. ويتواصل عريف مع 11 قائدا ميدانيا يفندون احتياجات كل حي على حدة، ابتداء بحليب الأطفال الرضع وصولا إلى الأواني وأغطية النوم، ومعظم الحاجات الأساسية التي يعاني المنكوبون من نقصها، إذ تصلهم إلى الشقق المفروشة بالتنسيق مع الدفاع المدني. ويؤكد عريف أن إشراف محافظة جدة والشؤون الاجتماعية وغرفة تجارة وصناعة جدة والجهات ذات العلاقة أسهم في تسهيل مهماتهم. الغرفة التجارية من جانبه أكد أمين غرفة جدة عدنان مندورة أن الغرفة سخرت إمكاناتها لخدمة المتطوعين وتسعى إلى التنسيق بين اللجان ومجتمع المال الأعمال في جدة، مشددا على «أن أي مساعدة يحتاجها المتطوعون ستلبيها الغرفة دون تردد». مظلة أكاديمية تنظيمية وباختلاف عن التجربة السابقة دخل الدعم الأكاديمي هذا العام عبر أكاديمية دلة للعمل التطوعي التي تأتي تحت مظلة إدارة المسؤولية الاجتماعية في مجموعة دلة البركة. وأوضح نائب الرئيس التنفيذي لإدارة المسؤولية الاجتماعية في مجموعة دلة البركة يا محمد عبده يماني أن الأكاديمية تحت مظلة المحافظة والتعاون مع الجهات الحكومية تقدم التدريب والمشورة ورفع الكفاءة للمتطوعين هذا العام. وأكد يماني أن «النزعة التطوعية يحض عليها الدين والطبيعة الاجتماعية السعودية، وما يقدم أكاديميا مجرد تدعيم وتنظيم، وفق عمل جماعي لا فردي بالتعاون مع جمعية البر والجمعية السعودية للبيئة والأجهزة الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني». الشؤون الصحية في الحرس الوطني وتشارك مجموعة من الجهات الحكومية والخاصة في أرض المعارض بينها الشؤون الصحية في الحرس الوطني بإشراف الدكتور خالد عبد الخالق الذي أكد أن الطاقم الطبي يراقب حركة المتطوعين ويتدخل في أي وقت يحتاجون فيه للعلاج أو المساعدة. وبين عبد الخالق أن معظم الحالات التي ترد إلى العيادة إعياء أو بعض الشبان والشابات الذين يعانون من سكر الدم، لافتا إلى أن الطاقم الطبي يقدم الدعم مباشرة.