تنامت إلينا أنباء عن احتفال دولة ماليزيا الشقيقة بانتهاء الفقر بين مواطنيها، وهي أنباء بلا شك تدخل السرور إلى قلب كل مسلم، وتثير العقول أيضا، وتدفعنا إلى التفكير العميق، وطرح التساؤلات حول ما يحدث في بلادنا من اتجاه معاكس، حيث تتزايد نسبة الفقر، مع أن مواردنا تفوق موارد ماليزيا. عموما مسألة الفقر في اعتقادي قضية نسبية، بمعنى أن الفقير في ببعض الدول، هو من لا يملك سكنا خاصا له، أو من لا سيارة عنده، أو ربما من لا يمتلك جهاز حاسب آليا، لكن الفقر في بلادنا، وحسبما نراه مجسدا في بعض الأحيان والمناطق، يتجسد في عدم توافر الاحتياجات الأساسية للفرد، من مسكن أو مأكل أو نفقات علاج أو تعليم ونحوها. ما زال في بلادنا فقر بالمعنى الأخير الذي أشرت إليه، إن كنت تشك في كلامي، فما عليك إلا أن تتجول في بعض عشوائيات جدة وغيرها، لتقف على كيفية معيشة العديد من الأسر التي تعاني من عدم توافر الضروريات لأفرادها، وما أظن أن مظاهر الفقر تحتاج لخبراء، أو لمتعاقدين أجانب كي يحددوها، وما أظن أن حكومتنا الرشيدة ترضى بوجود الفقر بين أبناء هذا البلد، لأننا نلمس ونرى أنها لا تدخر جهدا في النهوض بالمواطن على شتى المستويات، لكن كما يقال في المثل: يد واحدة لا تصفق، والجهود الحكومية والرسمية لا تكفي، لأنها دون تكاتف جهود المؤسسات وهيئات المجتمع المدني من جمعيات ونحوها تصبح كمن «ينفخ في قربة مخرومة». نحتاج إلى جهودنا كأفراد ومؤسسات، وأجهزة إعلام، لتوعية المواطن بكيفية معالجة السبل المؤدية إلى الفقر، أو المتسببة في تزايده، بمعنى أن يعرف المواطن كيف «يخطط» لإدارة حياته الأسرية، ما هو المهم، وما هو الأهم، وما خطورة بعض العادات الاجتماعية البالية التي تسيطر علينا، وعلى المتعلمين منا، في مناسباتنا وأفراحنا وأحزاننا، بل وفي حياتنا اليومية. نحن كأفراد نسهم في تعميق فقر الفقراء، وأخشى أن يأتي يوم يصبح الفقر فيه ظاهرة في بلادنا، ولا أقصد هنا تزايد المتسولين وانتشارهم في المساجد والأسواق، فهؤلاء في معظمهم محترفون، إنما أعني هنا أولئك الذين لا يسألون الناس إلحافا. لماذا لا تشكل جمعيات أهلية في كل حي من أبنائه، تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، ترفع شعارا لها: وداعا أيها الفقر، تقوم بعمليات دراسة ومسح لكافة أسر الحي، وترفع نتائج دراستها إلى الجهات المعنية، بل تكون حلقة وصل بين الأغنياء والأثرياء في كل حي وما أكثرهم وبين هؤلاء الفقراء، دون المساس بأحاسيس ومشاعر المحتاجين، وليعلم الأغنياء والميسورون أن دوام الحال من المحال، والأيام دول، والدهر عبر. وصدق الإمام على كرم الله وجهه حين قال: لو كان الفقر رجلا لقتلته. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة