خبران أطلعتنا عليهما بعض المواقع على الشبكة العنكبوتية وبعض الصحف وقفت عندهما كثيرا ً فكانا هما محور هذا المقال . أحدهما يقول: إن بعض النساء السعوديات قد التحقن بالعمل كخادمات في بلد خليجي مجاور ، ومن وجهة نظري أن هذا الخبر _ بإذن الله _ لاأساس له وعار ٍ من الصحة جملة وتفصيلا ً لعدة اعتبارات على رأسها أن ولاة الامر حفظهم الله لايقبلون بهذا الأمر لامن قريب ولا من بعيد ، إلا أن هذا لايعني نفي وجود فقر في بلادنا شأنها شأن غيرها من بلدان الأرض ، وهذا يؤكده خبر ثان ٍ يتحدث عن واقعة حصلت في تبوك وثبتتها وأكدتها الصور التي التُقِطت لرجل حاول الانتحار بسبب فقره و تراكم غرامات مالية عليه سُجلت على حافلته الخاصة التي تُعَد مصدر رزقه الوحيد لعدم حصوله على أي وظيفة ! وهذا الخبر مع غيره من محاولات انتحار سابقة ، وصور أخرى متعددة من جوانب شتى تثبت الهجوم الشرس من قِبل الفقر على عدد ملموس من مواطني بلادنا ، والشمس كما قيل لاتغطى بغربال ! فالرجل الستيني الذي ينتظر عند جمعية خيرية في حي شعبي حتى الساعة الثانية فجراً ينتظر أحدا ً يُحضِر بقية عشاء من وليمة فيأخذ نصيبه منه ، وعندما يرى العامل يأخذ الطعام إلى الداخل ليسخنه له ، بادره قائلاً : هاته بارداً فهناك مَن ينتظرني من الأولاد في البيت وهم يتضورون جوعا ً فسوف تسخنه بطونهم !! وتلك المرأة التي تطلب عونا ً عاجلا ً من فاعل خير عودهم على إيصال معونات لهم ، فتأخر عنهم فترة ، فاتصلت به قبل يوم من بداية عام دراسي جديد وهي تقسم أن ليس لديها مايكفي لشراء خبز وحلاوة وجبن كإفطار يتناوله أبناؤها في الصباح ، فكيف ببناتها الطالبات اللاتي يحتجن لملابس وأدوات مدرسية ضرورية وخلافها ؟ وليس بعيدا ً عنها ماشاهدناه عبر قناة فضائية سعودية لامرأة سعودية تطلب عوناً لها ولأسرتها التي تقول إنهم لم يذوقوا طعم اللحم منذ مدة طويلة ...! وكذلك الرجل الذي يقسم لك أنه لايملك مايسدد به فاتورة الكهرباء ، وعند مناقشته للتأكد من مصداقية طلبه فإذا هو يبكي ويدير ظهره ويترك المكان! حتى وإن جمعك مجلس ما بأصدقاء ومعارف ودار الحديث حول الفقر جاء كل واحد من الحضور بقصة أو حالة تختلف عن مايقوله الآخرون ، فالقصص والحالات كثيرة ، وليست وقفا ً على جهة معينة . إن الحديث عن نتائج الفقروشواهده ليس بأهمية الحديث عن أسبابه ، وكذلك مناقشة أسبابه على أهميتها ليست بأهمية مناقشة كيفية معالجته والقضاء عليه ، خصوصا ً أننا _ بإذن الله _ قادرون على ذلك متى ماخلصت النيات لتحقيق ذلك ، فالدولة غنية ولله الحمد والمنة ، وصندوق الفقر موجود بفضل الله ثم بفضل توجيه خادم الحرمين حفظه الله ، وكذلك الأغنياء كُثُر وفي زكوات ثرواتهم الخير العظيم، وسوق العمل أيضا ً من عوامل القضاء على الفقر، فلتُفعَّل كل تلك العوامل، ولتتوحدْ وتتكاتف الجهود لقتل مَن قال عنهُ عليُ بن أبي طالب رضي الله عنه : (( لو كان الفقر رجلاً لقتلته )) . القضاء على الفقر في كل مجتمع وفي كل وطن واجب يحتمه ويوجبه خطورة الفقر على تلك المجتمعات ، فهو خطر على الدِين ، وخطر على الأسرة ، وخطر على الأخلاق والقيَم ، فما أحَلَّ وما أوجب قتل هذا المفسد لينعم المجتمع بالأمن والطمأنينة والمحبة الدائمة بين أفراده ! ومضة : يقول علي الجارم : بالأيادِي الحِسان يُمْحَى دُجَى البؤس ِ وتسْمُو الشعوبُ نحوَ الكمال ِ يَذهبُ الفقرُ والثراءُ ويَبقى ما بَنى الخيِّرونَ من أَعْمال ِ . عبدالله بن إبراهيم بن حمد البريدي . [email protected]