تتهافت قلوب ملاك الإبل نحو صحراء أم رقيبة مع إعلان بدأ المسابقة، يخرجون من بواديهم ومدنهم وبيوتهم وقصورهم إلى الصحراء يسيرون إلى جوار الإبل وهي تمشي الهوينا دون اكتراث بالوقت، مع الحرص على «المنقية» وراحتها. والمنقية عند أهل الإبل الناقة الأكثر جمالا وقربا من قلب مالكها، والتي يسعى إلى أن تكون في الصدارة ويشارك بها في مسابقة ملكات الجمال الفردية، وهي المنتجة للسلالات الجميلة من الإبل. المتوغل في محرك البحث الشهير «غوغل» سيجد إجابات أكثر لأسباب تعلق ملاك الإبل بمعشوقاتهم من النوق أو الفحول، فما أن تضرب بأصبعك بحثا عن «المنقية» ستجد سيلا من الأفلام والصور والقصائد. ومثل أي عروس يوم زفافها يكتب في المنقية قصيدة خاصة أو «شيلة» يتغنى بها مالكها ورفاقه وفريق العناية بالمنقية، ومن أشهر تلك القصائد للشاعر متعب الذيابي في منقية رجل الأعمال إبراهيم المهيلب «يانخبة الوضح في ميدان أخو نورة .. في جايزة مؤسس الدولة وبانيها .. ذيع الخبر وانتشر في كل منشورة ... والذيع به قاصي العالم ودانيها». ويرى المهتم بشؤون الإبل عبدالرحمن العصيمي أن «الناقة هي جزء من ثقافة ابن الصحراء ومصدر فخر واعتزاز، لذلك يرى في أن تكون له منقية مصدر يمكنه من استمرار منافسته وحضوره في مثل هذه المنافسات، ويهتم إلى درجة أن يجدول يوميا وقتا لخروجها من السياج وتنزهها لفترات». ويرفض العصيمي استهجان الانجذاب إلى الاهتمام بالإبل: «للأسف هناك عصبية أو مبالغات تصاحب مسابقة مزاين الإبل، ولكن بالمقابل هذه ثقافة شعب يجب أن يحافظ عليها وعلينا أن نحترمها، لماذا لم نستهجن مسابقات ملكات جمال القطط أو الكلاب التي تطير بها وسائل الإعلام العالمية، بل إن البعض يسافر إلى إسبانيا لحضور مسابقات المصارعة مع الثيران». وعلى اختلاف ألوان الإبل: المغاتير (الوضح)، الصفر، الحمر، الشعل والمجاهيم، تختلف اهتمامات ملاك الإبل حتى غدا لكل نوع ملاك يعرفون على امتداد المملكة ودول الخليج العربي. الملفت للنظر على الأرض السيارات المتنقلة بين المخيمات وفي الأسواق والتي تحمل في أعلاها مكبرات صوت تبث أغاني وقصائد تغزلا في المنقيات، وحتى جسد السيارة يغطى بالكامل بصور وعبارات عن المنقية. ويعتبر فهد المطيري أن هذه الممارسة «نوع من المبالغة رغم أن ذلك حق لملاك الإبل، وشخصيا لاحظت في مواقع الإنترنت صورا لخيول أو حيوانات يكتب ملاكها قصصا عنها ويلتقطون معها صورا». ويحرص المطيري الذي يعمل معلما للغة الإنجليزية على السفر من الزلفي إلى أم رقيبة سنويا للاستمتاع بالحدث: «منذ صغري والحكايات التي تروى على مسامعي عن الإبل وارتباط إنسان الجزيرة العربية، حتى غدت جزءا من تكويننا وثقافتنا، لذلك أحرص على زيارة المهرجان».