ثمة صورة وإن كانت في مكان ما يفصلها جغرافيا عن مكان آخر، إلا أن هذا المشهد/ الصورة، ولأسباب غير واضحة تدفع عقلك بأن يحضر لك صورة أخرى من الذاكرة، فتجري مقارنة سريعة بين الصورتين، لعلك تعرف أين مكامن الخلل. الصورة الأولى: سيارة تتدلى داخل حفرة كبيرة وسط شارع الحج في مكةالمكرمة الذي كان قبل المطر مسفلتا، فيما أحد المتجمهرين يتمتم «حرام» ، لكن البقية ابتلعوا الكلمة في جوفهم؛ لأن رجلا بدا وكأنه عراف قال لهم وبشكل صارم: «قدر الله وما شاء فعل» . الصورة الثانية التي استحضرتها من ذاكرتك: حفرة كبيرة حدثت داخل شقة في عمارة في بلد غربي قبل سنوات، وكان أهل الشقة يحتفلون بزواج ابنهم، وكانوا يغنون طربا، قبل أن تبتلعهم الأرض. في ذاك الوقت قال كاهن آخر : إنها عقوبة من الله، مع أن أفراحا كثيرة قامت هناك، وكانوا يغنون طربا، ولم تهبط الشقق بسكانها، كذلك لم تصدق الشرطة كاهن الحي، فانطلقت سيارتها لتلقي القبض على كل المقاولين الذين بنوا العمارة، وعلى من كان المفترض منه أن يراقب البناء؛ ليتم التحقيق معهم، لأن ما حدث جريمة قام بها بشر ضد بشر. تهز رأسك لعل الصورة الثانية تسقط من ذاكرتك إلى الأبد، فلا تحضر لك هذه الصورة مع كل حفرة جديدة أو نفق غارق؛ لتشعرك بالغبن، حين لا تستطيع محوها من الذاكرة تتساءل: لماذا ذاكرتنا تحتفظ بالحزن ؟ هذا السؤال يفتح لك بوابة أسئلة، فتقذفها من جوفك حتى لا تختنق: ما اسم الشركة التي رست عليها مناقصة سفلتة «شارع الحج في مكةالمكرمة» ؟ هل رصفت طريقا لا يحتمل المطر، وهل أخبرتهم بأنه وفي حال جاء المطر أغلقوا هذا الشارع حتى لا يموت البشر ؟ أما كان من المفترض أن يكون هناك مراقب من الأمانة على عمل الشركة أو الشركات، هل قام بدوره.. هل قامت الأمانة بدورها ؟ ثم أليس هذا الشارع بناه بشر وراقبهم أو كان من المفترض أن يراقبهم بشر، وهبط ببشر. فلماذا يا أيها المتجهم تخبرنا أن هذا القبح ليس من صنع البشر ؟. فيصرخ بك «اتق الله».. تلملم أسئلتك لتعيدها إلى جوفك، وأنت تلعن ذاكرتك التي لا تحتفظ إلا بالحزن ؟. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة