وعد الحاج المغربي محجوب الذي يعيش في عقده السابع، زوجته حبيبة في ليلة العمر قبل أكثر من نصف قرن، بأن هدية الزواج، التي أعدها جزءا من المهر غير المدفوع، تتمثل في تأديتها لمناسك الحج على نفقته، وبرفقته، وتحقق الوعد. فبين جنبات المشاعر المقدسة، تفوح روائح الوفاء في العلاقات الإنسانية التي ظلت لسنوات حبيسة المشاغل الحياتية، فلا تمنح رحى الحياة الفرصة للزوج أن يعبر عن صدق مشاعره تجاه زوجته ولا الابن تجاه والديه، لكن هنا تتمازج الأرواح وتسقط زيف أقنعة الحياة ليسطع سناء الوفاء. فالحاج السبعيني محجوب المغربي الذي غادر مسقط رأسه في مدينة طرابلس في المغرب قبل 20 يوما مصطحبا زوجته «حبيبة زين»، استطاع تحقيق حلم ووعد طال أمده 50 عاما، حيث لم تتح له الظروف تقديم هدية العرس المتعارف عليها ليرجئها إلى حين، فظل طوال تلك السنين عاجزا عن الوفاء بذلك الوعد، فظروفه الاقتصادية لا تساعد حتى قرر أخيرا بيع جزء من أرضه التي يعمل في زراعتها ليتمكنا من الحج. وتحت جسر قطار المشاعر، جلسا في صفاء أحاسيس ومشاعر يتجاذبان أطراف الحديث في لحظات استرخاء من عناء المشي على الأقدام من مشعر عرفة إلى منى، وبالرغم من ذلك الجهد البدني، إلا أن البسمة كانت تعلو محياهما وسط تلك الجموع من الحجاج لتكون هذه الرحلة الإيمانية بمثابة لوحة وفاء مؤطرة بحبات العرق المتساقطة على جبين 70 عاما قضاها الزوجان في انتظار مهر العمر، وهو رحلة المشاعر المقدسة.