يفوح في المشاعر المقدسة عبق الوفاء والمشاعر الإنسانية التي ظلت لسنوات حبيسة المشاغل، حيث لا تمنح دوامة الحياة الفرصة للزوج أن يعبر عن صدق مشاعره لشريكة حياته ولا الابن تجاه والده، والحال في المشاعر تختلف، إذ تتمازج الأرواح ويسقط زيف الأقنعة. الحاج أحمد شيبير (70 عاما) غادر مسقط رأسه في مدينة ديلي الهندية قبل 20 يوما، مصطحبا والدته وزوجته ليحقق لهما حلم العمر الذي يظل يراود خياله ومنامه منذ نصف قرن من الزمن، عندما أطلق وعده لأمه وعروسه في ليلة زفافه أن تكون هدية العمر لهما رحلة حج إلى مكةالمكرمة. لم تتح لهم الظروف تحقيق الهدية الحلم؛ إلا بعد أن باع شيبير جزءا من بستان يستزرعه في بلدته الهندية، وبعد 50 عاما من الأمل وصل وحرمه ووالدته إلى منى، حيث يجلس على رصيف منزو في شارع الجوهرة بصحبة الاثنتين بعد أن أرهقهم طول المسير على الأقدام. برغم الجهد المضني إلا أن شييبر ورفيقتيه لم يبخلوا على المارة بابتساماتهم فرحا بالرحلة الإيمانية بعد طول انتظار وتعب وترقب.