الأساس الأول لتكوين الأمن الاجتماعي، توفير المكان، المتمثل في العصر المدني للعالم، بوجود مسكن. وفي البلدان النامية، حيث على مداخل المدن، تكثر بيوت الصفيح، وأكواخ الفقر، وأعشاش العابرين المقيمين، تكثر أيضا، أسباب القلق الاجتماعي، ودواعي الجريمة، والطموحات المقتولة. لا يعني هذا أبدا، أن يرتبط الفقر بالجريمة، حيث البلدن المتمدنة، والغنية، والمتطورة، تملك نفس نسبة الجريمة والطغيان، وأكثر. يعني أن تكون البيئة المستقرة، أو المنعدمة الاستقرار الحاضن الأول، للأمن، أو لخلافه. ولهذا الاستقرار أسبابه، التي لن يخرج من بينها، شعور الإنسان بالارتباط الحاضن، والتملكي، والحميم للأرض والمكان. إن على بلد قادر، وغني، وكبير، ومحدود السكان، كهذه البلدة المباركة، أن يكون أول ما لديها، هو هذا التوفير الإسكاني، بحصول الكل على سكنه المريح، طريقه غير المجدر بالبثور والحفر، مدنه الواسعة الأنيقة، المؤهلة لاستقبال الأمطار، كأفراح وكرنفالات بهجة، لا كمواسم عزاء وسواد. أماكن تعليمه المخصصة للتعليم، لا للطبخ والنوم والتخزين. في تصريحه الأخير، يقول مسؤول إن نسبة البيوت المملوكة في السعودية، تصل إلى الستين بالمائة، وهي نسبة كبيرة، لو تأملها المرء، فيمن يعرف من القريبين منه، والجيل الجديد الناشئ خصوصا، حديث الزواج والتكوين، لعرف أن الحقيقة، لا تصل إلى نصف الرقم. المسؤول الآخر، يقول بأن الرقم فوق النصف قليلا. وإذا اختلف المسؤولان حول أمر، يخص المواطن، فخذ ما قال به أكثرهما شؤما. هنالك قناعة اجتماعية، ترى أن ما يجري في دول الخليج المجاورة، من نجاح اجتماعي، وتوفير إسكاني، وتعليمي، وطرقي، وتحديث تمديني، مرده إلى قلة سكان هذه البلدان الصغيرة، مقارنة بالمملكة، وإلى وفرة دخولاتها العالية، إزاء الأرض الصغيرة غير المتطلبة للربط، ولا للتخطيط. وهنالك قناعة أخرى، ترى أن التنظيم، حين يكون مرادا، والتخطيط السليم، حين يكون منهجا، لا يعترف بكثرة الرقم، ولا بقلة السكان، ولا بمساحة الأرض، ولا بجودة المناخ. إذ الأمر متعلق أولا وأخيرا، بالإرادة المسؤولة عن التحديث والتمدين. وكلا الأمرين له وجه من الصحة. لكن الذي ينبغي أن يقال بخصوص الإسكان تحديدا، إنه لمأساة أن تكون نسبة أرقام المستأجرين لدينا، في المملكة، هي نسبة أرقام المتملكين في الخليج. وأن يكون القرض الممنوح من قبل الصندوق العقاري لدينا، هو أقل من ثلث الرقم الممنوح لديهم. في بلدان لا يمكن أن تضاهي دخولاتها، ولو مجموعة، دخولات هذا البلد المبارك، الآتي إليه رزقه رغدا من كل مكان، وزمان. جيل كبير، نشأ في أروقة الشقق المستأجرة. أصبح الحديث عن البيوت المملوكة، يأتي كأحلام النوم، أو دعايات قارعات الطريق. أصبحت قروض الحصول على البيوت المملوكة، تعني التأجير من بنك الإقراض طول العمر. وأصبحت أحد بنود التوريث، وما يتركه الأب العجوز الراحل لأبنائه، هو رقم معاملته للحصول على قرض، يسكن فيه أحفاده مع آبائهم، بدلا منه مع بنيه. هل يعقل أن يستمر طلب القرض للحصول على مسكن لأكثر من عشرين عاما. ويصبح رقم المعاملة، شيئا أثريا، وجميلا، وقديما، يذكر بالزمن الراحل، بداية العمر والتأسيس. يتغير الموظفون، يتقاعدون. يرحل مسؤول ويأتي آخر. ولا زال المواطن المنتظر هذا، هو الذي لم يتغير، ولا رقم معاملته، ولا تأجيلها. أين يسكن هذا المنتظر. ومن يعوضه عن هذا العمر. وحين يأتي المبلغ الذي سيأتي يوما من الدهر، ماذا يمكن أن يوزاي في ظل غلاء طال عبوة المشروب الغازي، قبل أن يهمن على سوق الحديد، كاسر الظهر والعمر على حد سواء. نملك الأرض. ونملك القرض. السؤال للمسؤول الذي يخالف تصريحه المسؤول الآخر: هل نملك الإرادة أيضا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 252 مسافة ثم الرسالة