كشف وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي أن «أوبك» لاتزال تمتلك الآن أكثر من تريليون برميل، ما يجعلها في موقع متميز من حيث الاحتياطي لتستمر في توفير البترول للعالم سنوات طويلة مقبلة، واستغلاله لصالح الأجيال الحالية والمقبلة. وقال في ورقة عمل ضمن الجلسة الأولى لاحتفالية المملكة بمرور 50 عاما على إنشاء المنظمة «عندما أنشئت المنظمة كانت احتياطات دولها من البترول حوالي ثلاثمائة بليون برميل، وأنتجت خلال الخمسين عاما الماضية أكثر من 400 بليون برميل. وبين المهندس النعيمي «أن المملكة أدركت أن طبيعة الصناعة البترولية ذات التقنية العالية والمتكاملة رأسيا، تتطلب ثلاثة أسس، أولا: العمل على بناء الكوادر البشرية، واكتساب المهارات الفنية والتقنية لإدارة صناعة بترولية وطنية ذات كفاءة عالية قادرة على استغلال الموارد البترولية على الوجه الأمثل، ثانيا: الحصول على أفضل عائد ممكن من إنتاج وتصدير البترول لتنمية الاقتصاد الوطني، وانتهاج سياسات إنتاج وتسعير وتطوير، تحقق أفضل عائد للمملكة من مواردها الهايدروكربونية على المدى الزمني الطويل، ثالثا: التعاون والتنسيق مع الدول المنتجة الأخرى ذات الظروف المماثلة، للتحرك على المستوى الدولي، لما فيه مصالح الدول المنتجة، وسلامة وعافية الاقتصاد العالمي. وأشار النعيمي إلى أنه بسبب طبيعة سلعة البترول لاستراتيجية وهياكل أسواقه، أدركت المملكة مبكرا أهمية التنسيق والتعاون مع الدول المنتجة والمصدرة الأخرى التي تمتلك احتياطات وقدرات إنتاجية تؤثر على السوق وعلاقاته. تنسيق المواقف وزاد قائلا «مع أن ظروف تأسيس أوبك عام 1960 ودور المملكة المحوري في ذلك معروفة للجميع، إلا أنه ما ليس موثقا بما فيه الكفاية، الدور الذي قامت به المملكة قبل عشر سنوات من إنشاء المنظمة من اتصالات ومشاورات مع الدول الأخرى لتنسيق المواقف تجاه الشركات العالمية آنذاك، ففي عام 1951 زار عبدالله الطريقي، وكان حينها مديرا لإدارة البترول والمعادن في وزارة المالية، فنزويلا وعرض حينها مبدأ التعاون، ثم زار العراق وإيران لذات الغرض، وتطورت تلك الاتصالات إلى أن أثمرت بإنشاء المنظمة العتيدة التي نحتفل هذا العام بمرور خمسين عاما على إنشائها، وقد تكون هذه مناسبة للإشادة بدور الآباء الأوائل لأوبك وعلى رأسهم عبدالله الطريقي يرحمه الله. وأضاف: استمرت المنظمة في أداء رسالتها التي أنشئت من أجلها، وهي حماية مصالح دولها وتوفير الإمدادات البترولية للعالم، وتحقيق الاستقرار في السوق والعوائد العادلة للمستثمرين في الصناعة، طوال الخمسين عاما الماضية، على الرغم من التغيرات في أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي والعلاقات الجيوسياسية، وفوق هذا وذاك التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في الدول الأعضاء التي حققت قفزات تنموية لا شك أن للمنظمة وسياساتها دورا في ذلك. من جانبه أكد الرئيس التنفيذي السابق لشركة آرامكو عبدالله بن جمعة، أن أرامكو السعودية لا تزال تواصل دورها على أكمل وجه، وتمكنت من المحافظة على قاعدة احتياطاتها من خلال تعويض إنتاجها النفطي كل عام، وإضافة احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي، مع احتفاظها بطاقة فائضة كافية لضمان استقرار السوق. توسيع أعمال أرامكو وبين أن الشركة لا تزال تعمل على توسيع أعمالها من أجل دفع وتنويع التنمية الاقتصادية في المملكة، وقال «إن المنظمة شرعت في تنفيذ مبادرات مثيرة في مجالات حيوية للبحث والتطوير». إجراءات فاعلة ونوه الدكتور سعد القرني أستاذ التأريخ في جامعة الإمام محمد بن سعود، بالدور التأريخي للمملكة في إنشاء المنظمة، وقال «بعد أن خفضت الشركات البترولية العالمية العاملة في المملكة ودول الخليج العربي الأخرى، سعر البترول المعلن مرتين متتاليتين في عامي 1379ه و1380ه دون أخذ رأي تلك الدول واستشارتها، مما حدا بالمملكة إلى اتخاذ إجراءات فاعلة وكان ذلك مقدمة لنشأة منظمة الأوبك وظهورها على مسرح الأحداث البترولية العالمية، وقد هيأت المملكة نفسها لهذا الغرض في مسارين متوازيين هما المسار الداخلي، والخارجي». وأضاف أن أولى مراحل نشأة المنظمة هي انعقاد المؤتمر البترولي الأول في القاهرة عام 1379ه/1959م بمشاركة عدد من الدول المنتجة للبترول، وانتهى المؤتمر بوضع وثيقة سرية بخصوص إنشاء منظمة للدول المصدرة للبترول، لتنسيق سياساتها البترولية، والدفاع عن مصالحها الاقتصادية، وبعدها توالت مؤتمرات دول البترول العربي التي حضرتها كل من فنزويلا وإيران بوصفهما مراقبتين، مما ولد فكرة قيام منظمة الدول المصدرة للبترول، غير أن هذه الآمال والمناقشات لم تترجم إلى أسلوب عملي إلا في عام 1380ه/1960م، عندما فوجئت دول الشرق الأوسط بتخفيض أسعار البترول للمرة الثانية خلال عام ونصف العام. وقال القرني كانت المملكة قطب الحركة المضادة لتسلط الشركات البترولية العالمية في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وظلت تتبادل الرأي مع فنزويلا فيما يجب عمله، وفي 18 ذي القعدة 1379ه/ 13 مايو 1960م، عقد اجتماع بين عبدالله الطريقي وزير البترول السعودي آنذاك ويسيريز ألفونسو وزير المناجم الفنزولي، وصدر تصريح مشترك أوصى الدول المنتجة للبترول بانتهاج سياسة موحدة لحماية مصالحها المشتركة، وطرحت في الوقت نفسه فكرة إنشاء منظمة تسعى لتحقيق هذا الغرض، وقد كانت هذه التوصية بمثابة اللبنة الأولى لإنشاء أوبك.