لقد فاجأت منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) العالم في تقريرها الإحصائي السنوي الأخير للعام 2010 \2011 بأنها أصبحت تملك 81.3 % من اجمالي احتياطيات البترول التقليدي Conventional الموجود في جميع انحاء المعمورة الذي وفقا لتقديرها يبلغ 1467 مليار (1.5 تريليون) برميل. فقفزت باحتياطيات بترول الاثنتي عشرة دولة الأعضاء فيها من 1064 مليار برميل في نهاية عام 2009 الى 1193 مليار برميل في نهاية عام 2010. المفاجأة هي ان جميع الزيادة الجديدة في احتياطيات بترول العالم وفقا لتقرير اوبك جاءت من ثلاث دول فقط (كلها أعضاء في اوبك) هي: فنزويلا وايران والعراق. فقفز احتياطي العراق من 115 مليار الى 143 مليار برميل اي بزيادة قدرها 25 %. وقفز احتياطي ايران من 137 مليار الى 151 مليار برميل اي بزيادة قدرها 10 %. لكن المفاجأة الكبرى هي القفزة الكبرى بمقدار 40 % في احتياطيات بترول فنزويلا من 211 مليار برميل الى 296 مليار برميل مما يجعل احتياطيات بترول فنزويلا تحتل المركز الأول (بدلا من احتياطيات بترول المملكة) في العالم. لقد درجت فنزويلا في السنوات الخمس الأخيرة ان تقفز سنويا قفزات كبيرة متتالية في تقدير احتياطياتها فقد كان احتياطي فنزويلا 87 مليار برميل عام 2006 (اي قبل خمس سنوات فقط) ثم قفز الى 99 مليارا عام 2007 ثم قفز الى 172 مليارا عام 2008 ثم قفز الى 211 مليارا عام 2009 ثم قفز الى 296 مليارا عام 2010 مما يوحي ان فنزويلا ستواصل قفزاتها السنوية الى ان تصل الى اكثر من 500 مليار (نصف تريليون) برميل يشد عضدها تقرير صدر من المساحة الجيولوجية الأمريكية USGS قبل عام تقريبا وتداولاته حينذاك (بعضها بالترحيب وبعضها بالانتقاد) الأوساط البترولية. فنزويلا لها وزن ثقيل في منظمة اوبك لأنها ثان (او بالأحرى الأول مكرر) خمسة دول اوّلها المملكة وثالثها ايران ورابعها العراق وخامسها الكويت المؤسسين الأساسيين لمنظمة اوبك في بغداد عام 1960 فهل ياترى سيتحوّل دور فنزويلا من اوائل الدول التي وضعت حجر الأساس لتشييد كيان أنجح تكتل اقتصادي في التاريخ للدفاع عن الموارد الطبيعية في الدول النامية الى اول من يدق اول اسفين في نعش هذا الكيان او الكارتل كما يحلو للإعلام ان يسمي اوبك. لا اعتقد ان هدف فنزويلا الرئيس من اعلان هذه الزيادات السنوية المتتالية في احتياطياتها من البترول هو فقط مقدمة لمطالبتها بزيادة حصتها المقررة في حصص انتاج بترول اوبك الذي يجعلها تبدو وكأنها تتحدى بقية الرفاق الإحدى عشرة الأعضاء في منظمة اوبك وانما هدفها بالدرجة الأولى هو الرد على استفزازات وسائل الإعلام التي راحت تعطي اهمية كبيرة لبترول رمال البرتا الكندية على انه البديل المرشّح لمنافسة بترول حوض اورينوكو الفنزويلي. من المفارقات اللافتة انه في الوقت الذي حرصت النشرات المختصة بان تبالغ في اهمية بترول الرمال الكندية وأطلقت عليه لقب Game Changer (اي مغيّر اللعبة) الا ان تقرير اوبك - على العكس - استبعد بترول الرمال الكندية من احتياطيات البترول المؤكدة وادخل بدلا عنه بترول اورينوكو الفنزويلي الثقيل extra heavy الى احتياطيات البترول المؤكدة في العالم. الذي يهمنا ان نعرفه هنا هو هل هذه التطورات الجديدة في تقدير احتياطيات البترول بوادر لتغيير قواعد لعبة ترتيب دول العالم وفقا للتعريفات الجديدة لاحتياطيات البترول وماهي الدوافع التي جعلت كل من ايران والعراق وفنزويلا ان يثبّتوا هذه الزيادات في احتياطياتهم بشكل رسمي (اي ان يجعلوا اوبك تعترف بها في تقاريرها) وهل سيطالبون بإعادة توزيع الحصص وماهي ردة الفعل سواء على الدول الأعضاء الآخرين في اوبك او على الدول المنتجة للبترول من خارج اوبك وماهي الانعكاسات سواء ايجابا او سلبا على استقرار أسعار اسواق البترول في العالم. سنحاول ان نجتهد فأدعو لنا بالتوفيق في ايجاد الأجوبة على هذه التساؤلات - ان شاء الله - في زاوية السبت القادم.