يقولون إن الميت يستشعر بموته، فيرسل رسائله .. ولأنه لم يعد أحد من تلك الرحلة السحيقة ليثبت أو ينفي تلك المقولة، فإننا لازلنا ممسكين بتلك الإشارات التي يتركها الموتى نستعيدها مع فقدهم. وغازي القصيبي (ندعو الله الرحمن الرحيم أن يهبه رحمته الواسعة ويتجاوز عنه)، أرسل إشارات رحيله من على سرير مرضه الأخير. ومن يتربص برسائل المغادرين سوف يستشعر أن غازي كان يلوح من على سريره بتلويحة الوداع ،فالشعر خرج ملتاعا من نفس انحرقت بألمها ودنت من الضفة الأخرى: أغالب الليل الحزين الطويل أغالب الداء المقيم الوبيل أغالب الآلام مهما طغت بحسبي الله ونعم الوكيل فحسبي الله قبيل الشروق وحسبي الله بعيد الأصيل وحسبي الله إذا رضني بصدره المشؤوم همي الثقيل وحسبي الله إذا أسبلت دموعها عين الفقير العليل يا رب أنت المرتجى سيدي أنر لخطوتي سواء السبيل قضيت عمري تائها، ها أنا أعود إذ لم يبق إلا القليل الله يدري أنني مؤمن في عمق قلبي رهبة للجليل مهما طغى القبح يظل الهدى كالطود يختال بوجه جميل أنا الشريد اليوم يا سيدي فاغفر أيا رب لعبد ذليل ذرفت أمس دمعتي توبة ولم تزل على خدودي تسيل يا ليتني ما زلت طفلا وفي عينيّ مازال جمال النخيل أرتل القرآن يا ليتني ما زلت طفلا .. في الإهاب النحيل على جبين الحب في مخدعي يؤزني في الليل صوت الخليل هديل بنتي مثل نور الضحى أسمع فيها هدهدات العويل تقول يا بابا تريث فلا أقول إلا سامحيني .. هديل رحل غازي، رحل من هو أكبر من الألقاب وأعمق من أن تصل إلى مرثية تفيه حقه .. وسبقنا جميعا في رثاء روحه، وتفطر قلبه ومن هم حوله عليه. كنا نضج بالحديث عنه في كل مجال، والآن يضج في داخلنا وهو بعيد بعيد. فأي مسافة يمكن أن تلحمها الذكرى، وأي ذكرى تبقي الطود الشامخ بعد أن اعتلته حدبة التراب. آه ياغازي، حرقة عليك هنا، وتضرع لله أن يكرمك هناك. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة