أبلغ من العمر 23 عاما، أعاني من فراغ كبير ولا أجد من يشغله، فأبي وأمي لا يهتمان بي، ولا يدريان أنني فتاة ولي متطلباتي، وقد طلبت من أبي كثيرا أن يسجلني في معاهد أو في نواد لأشغل وقت فراغي؛ لكنه رفض، وأهل أبي لا يزوروننا إلا في المناسبات، وتوجد الكثير من الرسميات بيننا، وأهل أمي حصل بينهم وبين أبي مشكلة ولم يعودوا يزوروننا أيضا، ولا توجد لي صديقات يملأن وقت فراغي. لذا فإنني أشعر بروتين يومي ممل فما الحل؟ خالدة جدة الواضح من رسالتك أنك تعتقدين أن ملء وقت فراغك مسألة تخص الآخرين، وأنه يتوجب عليهم أن يبذلوا الجهد في ملئه، وبالطريقة التي تلائمك، وهذا خطأ كبير، فمسؤولية ملء الفراغ الذي يعاني منه الفرد تقع على كاهله وليس على كاهل غيره، سواء كان هذا الغير أبا أو أما أو أقاربا، ومن كان قبلك من أجيال لم يكونوا يملكون تلفزيونات ولا مراكز تدريب ولا حتى ألعابا، ومع ذلك فقد كانوا يبتكرون وسائل تسليتهم، ووسائل ملء وقت فراغهم، ولو كان والدك من النوع الذي لا يملك مالا كافيا لتسجيلك في ناد أو معهد، فما الذي يتوجب عليك فعله؟ ولو كنت في منطقة بعيدة عن مثل هذه المراكز فماذا كنت ستفعلين؟ ولو أنك طلبت من أبيك مائة ريال فقط وذهبت بصحبته أو بصحبة أمك لأقرب مكتبة ألن تشتري بها على الأقل أربعة كتب يمكن أن ترتقي بك لو أكملت قراءتها؟ ولو أنك تابعت القنوات الفضائية واخترت بعضا منها وتابعت بعض البرامج التي تتعلق بتطوير الذات ألن ترتقي بنفسك وتملئين وقت فراغك؟ ولو أنك خصصت يوميا ساعة واحدة لقراءة القرآن وحفظ بعض من آياته ألن تستطيعي ملء وقت فراغك وتساهمين في تطوير ذاتك؟ ولو أنك حصلت على كتب الصف الذي ستنتقلين إليه في العام المقبل وخصصت بعضا من وقتك لقراءتها ألن تكوني قد ساهمت في ملء وقتك ورفعت من مستواك الدراسي؟ كل هذه سبل وطرق تستطيعين الاستفادة منها لملء وقت الفراغ والارتقاء بذاتك، وفي الوقت نفسه لست في حاجة لمساعدة الآخرين، تعلمي يا ابنتي الاعتماد على نفسك في مواجهة مشكلاتك، وابتعدي عن الاعتماد على غيرك، حتى لو كان والدك أو والدتك أو أقاربك، فأنت وأنا لا نملك إلا أنفسنا، وليس لنا من سلطان إلا عليها، فخير لك أن تفكري دائما في زراعة أرضك بدل ضياع الوقت في الحسرة على عدم امتلاكك لأرض غيرك.