فتاة تسأل : أنا في وحدة عميقة ، و أحس بفراغ كبير ؛ فأنا أسكن في بلاد أجنبية، ومشكلتي الكبرى هي أن زوجي لا يعطيني اهتماماً و لا كلاماً جميلاً، فأنا فتاة عمري تسع عشرة سنة، وكنت أتمنى بعد زواجي أن يغمرني زوجي بالحب والحنان، ففي فترة الخطوبة كان رائعاً لكنه الآن تغير كثيراً، وقد أحسست بفراغ كبير، فأنا أريد الدردشة معه، أما الجنس فأحس أن الرغبة فيه قلَّت كثيراً، فما العمل، وكيف أخرج من هذا الحزن وهذه الكآبة؟ د. غازي بن عبدالعزيز الشمري جواب د. غازي بن عبدالعزيز الشمري الأخت السائلة: من سؤالك اتضح أن مشكلتك تتلخص في الفراغ الكبير الذي تشعرين به، وقد بدا ذلك من خلال تعبيراتك. (أنا في وحدة عميقة)، (أحس بفراغ كبير)، (زوجي لا يعطيني اهتماماً ولا كلاماً جميلاً). وقد ترتب على ما تشعرين به من وحدة وغربة وفراغ حصول كآبة جعلتك تحسين بالروتينية و البرود حتى في علاقتك بزوجك! وأنا أُقدر مشاعرك وغربتك و ما تعانين ، و أسأل الله أن يلطف بك، ويشرح لك صدرك ، و يعوضك عن غربتك خيراً ، ويعجِّل لك بالفرج. وحتى تخرجي من كآبتك وحزنك –بإذن الله- أنصحك بما يلي: 1- أشغلي نفسك بالأمور النافعة، واملئي فراغك بالمفيد ، فالنفس إن لم تشغليها بالخير شغلتك ِ بالشر ، و أهم ما تشغلين به وقتك: - فعل الطاعات و التقرب إلى الله –عز وجل- بالنوافل و الذكر و قراءة القرآن وحفظه... ولا تدرين لعل في الغربة خيراً لك؛ إذ باستطاعتك أن تدربي نفسك على الاستزادة من العبادات والطاعات بعيداً عما يشغلك ويشتت ذهنك فيما لو كنت في ديارك وبين أهلك. واعلمي أنك -يا أخية- في كربة، والله عز وجل يقول: «أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ» [النمل:62]. جاهدي نفسك على القيام في الثلث الأخير من الليل، وتضرعي إلى الله في تلك الساعة خاصة ، ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال: «من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ، و ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه ، و لا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصرُ به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنّه» رواه البخاري. - وعليك بترتيب وقتك و حسن تقسيمه بين تلاوة القرآن وحفظه، وأداء النوافل، وقراءة الكتب النافعة والاستماع إلى الأشرطة الدينية والتربوية، والاستماع إلى إذاعة القرآن الكريم..إلخ . حاولي أن تخرجي من عزلتك بالانضمام إلى صحبة طيبة، تطمئنين لدينهن وخلقهن.. وتواصلي معهن، وبإمكانك أن ترتبي معهن وقتاً لتدارس التفسير، أو حفظ القرآن، أو لقراءة ما ينفع... وفي يقيني أن مثل هذه الأمور ستملأ عليك وقتك. لا تنسي أن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كلَّ همٍّ فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب . فالزمي الاستغفار، ليلاً ونهاراً ، و أبشري بالفرج العاجل بإذن الله. وعليك بمحاسبة نفسك، فإن من أسباب ضيق الصدر الذنوب والمعاصي. أما ما يخص علاقتك بزوجك، فالذي يبدو أنه رجل ودود، ولديه استعداد لأن يمنحك الحب و الاهتمام بدليل قولك: (إنه كان رائعاً أيام الخطوبة). ولكن الشيء الذي لم توضحيه في رسالتك هو: ما الذي غيَّر زوجك وجعله جافًا في تعامله! - أهو الإنهاك في العمل، وقلة وعيه بأهمية قربه منك؟ - أم هو الانشغال بأمور تافهة كالجلوس في وقت فراغه أمام بعض المواقع غير الهادفة في الإنترنت، أو مع الأصحاب في المقاهي وغير ذلك؟ - أم أن السبب هو تقصيرك في إظهار مشاعرك نحوه ، و جفافك في التعامل معه؟ إنَّ كثيراً من النساء يردن أن يأخذن دون أن يعطين. ولتكن كلمتك لينة، ونظرتك حانية معبِّرة، وابتعدي عن اللوم بمختلف صوره. فلغة الحوار الهادئة في الوقت المناسب لها دور كبير في تقريب وجهات النظر والتفاهم بين المتحاورين . و قد يكون زوجك يعاني من ضغوط في العمل، فاقتربي منه، وحاولي مشاركتك له بهمومه و اهتماماته ، اعرضي عليه المساعدة بما تستطيعين ، وكوني إيجابية فاعلة . بيني له أن الحياة الزوجية تحتاج إلى ما يقويّها من مشاعر حيّة وعواطف جيّاشة..فالحياة الزوجية بحاجة إلى تجديد. ولو اقترحتِ عليه أن يصطحبك معه في نهاية الأسبوع إلى بعض الأماكن السياحية المحافظة ، و بعض المنتزهات ، فلا بأس . - أما إن كان زوجك منهمكاً بما يضيع عليه وقته، فذكريه بالله، وادعي له بالهداية، ولا تيأسي من استصلاحه.