المقصود بالطفل السياسي «الطفل الذي يمتلك رؤية وفهما لمجريات الحدث من حوله ولو كانت بسيطة»، في عالمنا العربي بكل أسف هناك صنف يقولون على سبيل الاستهزاء والتهكم لمن له رأي وفكر وبدون تحليل أو دليل، إنه يعمل بالسياسة وفي إطار آخر بلاش كلام في السياسة من قبيل الخوف والقهر وهذا كلام غريب ومنكر في بيئتنا الإسلامية الأصيلة ونبعنا الصافي الملهم لنا، لذا نذكر ببعض الحوادث من تاريخنا الإسلامي المشرق: مشاركة داوود الفاعلة في جيش تحرير الأرض المقدسة وهو صبي.. ?وقتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمةَ? (البقرة: من الآية 251). فقد شارك في الإعداد للحرب والقرار والقتال وهو صبي. غلام الأخدود الذي استطاع بوعيه أن يعبد كامل قريته لله. سيدنا علي بايع النبي صلى الله عليه وسلم وهو في العاشرة من عمره وهي بيعة سياسية للقيادة العامة. معاذ ومعوذ طفلان قتلا أبا جهل يوم بدر لتهجمه على الرسول عليه الصلاة والسلام.- وعي سياسي بين -ويروي الإمام مسلم أن عبد الله بن الزبير جاء وهو ابن سبع سنين ليبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتبسم الرسول حين رآه مقبلا إليه ثم بايعه. والمواقف في سير الخلفاء والتابعين كثيرة تدل على مدى تربية الآباء والأمهات أبنائهم على الوعي السياسي والحكمة بالأحداث الجارية ببيئتهم. كيفية صناعة الطفل السياسي؟ وأقصد بتلك الصياغة والصناعة توفير بيئة محفزة لفهم الأحداث من حوله والتفاعل معها على القدر المناسب والإمكانيات المناسبة للطفل. وليتم بذلك الفهم ومن ثم التفاعل ويتم تهيئة البيئة والمناخ الصحي لذلك من خلال الآتي. 1-الاحترام وتقدير الذات : من المهم جدا أن يتصرف الأب والأم مع صغيرهما في الأقوال والأفعال بما يظهر احترامهما له، وقد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم نموذجا في احترامه للأطفال، ومنه ما قاله أنس- رضي الله عنه-: «انتهى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام في الغلمان فسلم علينا». مشهد فذ لقائد الأمة يذهب ويسلم على الصبيان رغم المشغوليات والمسؤوليات والهموم، ولكن الفهم العميق الشامل للنبي صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء شركاء في الوطن وفي الأمة في صنع القرار، هم وقود وزاد المستقبل. واستئذانه صلى الله عليه وسلم الغلام، فيما رواه البخاري عن سهلِ بنِ سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فقال: الغلام لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا قال فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده. 2- الحق في التعبير: عند حدوث مشكلة أو اتخاذ قرار لا بد أن يستمع لرأي الطفل ولو كان بسيطا أو خطأ فالجرم الكبير الذي يرتكبه كثير من المربين هو مصادرة الرأي لمن ببيته فهو يقول بلسان الحال «ما أوريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد». 3- لما تكبر أنت لسه صغير: هناك قاعدة تربوية مهمة ما دام طرح الطفل سؤالا، فهو مهيأ لسماع وفهم الإجابة، لأن الجهل أو عدم الفهم لأمر ما أرقه عقليا فترجم ذلك لسؤال مباشر وبذلك الرد المهين «أنت صغير» يظل هذا الابن صغيرا في عيون والديه إلى أن يتزوج وبالتالي لا يعرف أن يدير بيتا أو يسوس شركة وتحدث ما نراه من ارتفاعات مرعبة للطلاق وانهيارات شركات وكيانات كانت قائمة. وللحديث تتمة * مدرب ومستشار أسري [email protected] نتلقى استفساراتكم ومشاركاتكم في صفحات الملحق عبر البريد الإلكتروني: [email protected] والفاكس 026764035