في ظل المتغيرات العصرية والاضطرابات السلوكية التي تحيط بأبنائنا وتعصف فيهم وبهم نجد أننا في حاجة أن نفقه أسلوباً جديداً من أساليب التربية ومدى حاجتهم النفسية وضرورة اشباع تلك الحاجات النفسية عن طريق اللمس حتى ينشأ الابن بعيدا عن تلك التوترات السلوكية التي كثيراً ما يشتكي منها الآباء ،ولكن الشكوى بعد فوات الأوان وصعوبة الاستدراك لذا وجدت من الحتمية علي كتربوي أن أضع أشارات حول مفهوم التربية باللمس ووجدت في لغتنا الجميلة خير معين في تجلية هذا المفهوم. فالفقه: العلم بالشيء والفهم له، يقال: أوتي فلان فقها أي فهما. والفقه الفطنة،وغلب على عِلمِ الدينِ لشَرَفِه.وقصدت أن الفقه أعمق وأدق من الفهم ولما كانت المهن تحتاج إلى فهم ليجاز العامل فيها فما بالكم بتربية أبنائنا وغرس قيمنا ألا يحتاج هذا إلى فهم واتقان ومع الفهم لا بد أن يغلف بالفطنة والذكاء وللتربية معان رائعة تلقي بظلالها على تصوراتنا التي تترجم بأفعالنا ومنها : رب فالأول إصلاح الشيءِ والقيامُ عليه. والله جل ثناؤه الرب؛ لأنه مصلح أحوالِ خلقه. والأصل الآخر لزوم الشيء، ويقال أربت الناقة، إذا لزمت الفحل وأحبته، والأصل الثالث: ضم الشيء للشيء، وسمي العهد ربابة لأنه يجمع ويؤلف.ربا الشيء يربو ربوا ورِباء: زاد ونما.وفي التنزيل : ويُرْبي الصدَقات؛ وقوله عز وجل: اهتَزَّت وربت؛ قيل: معناه عظمت وانتفخت وتربية الأبناء تحمل مفاهيم كثيرةمن زيادة السلوكيات السوية الحميدة، وهي وظيفة الآباء من اصلاح التالف وتعديل المعوج، وهي القيام على مصالحهم، وديمومة الممارسات التربويةلأنها لا تنتهي أبدا وبالتالي هي ملازمة لحياة البشر لينتقل من مقام تربوي لآخر، والتربية بكل ثناياها تجمع ولا تفرق وتضم ولا تبعثر فهي ضم النافع لمثله ".وللمس وما حوله معان كثيرة وعميقة في لغتنا الجميلة كل معنى يحمل في طياته معان تربوية عميقة ومن هذه المعاني المباشرة والمشابهة والقريبة للمس الآتي:الحضن: وهو احتمالُك الشيء وجعله في حضنك كما تحتضن المرأة ولدها فتحتمله في أحد شقيها. وفي الحديث: أنه خرج محتضنا أحد ابني ابنته أي حاملا له في حضنه. قال الجوهري: حضن الطائر بيضه إذا ضمه تحت جناحيه، والمرأَة إذا حَضَنَتْ ولدها.وحضَنَ الصبيَّ يحضنه حضنا: رباه. وفي الحديث : عجبت لقوم طلبوا العلم حتى إذا نالوا منه صاروا حضانا لأبناء الملوك أَي مربين وكافلين لأن المربِي والكافل يضم الطفل إلى حضنه، وهو حفظ الشيء وصيانته. والمس؛ مسك الشيء بيدك. المسح: إمرارك يدك على الشيء السائل أَو المتلطخ، تريد إِذهابه كمسحك رأسك من الماء، وتمسح منه وبه. في حديث فَرَسِ المُرابِطِ: أَنَّ علفه وروثه ومسحا عنه في ميزانه؛ يريد مسح الترابِ عنه وتنظيف جلده."والتربية ماهي إلا أن تزيل أي آثار سلوكية غير مرغوبة ليحل محلها الصالح الطيب "وفي حديث الدعاء للمريض: مسح الله عنك ما بك أَي أذهب. والتماسح: التصادق. " والتربية ما هي إلا تصادق وتسامح والتربيت: التربية،كالربت، وضرب اليد على جنب الصبِيِ قليلا لينام. ومن هنا نجد أن للتربية باللمس تحمل في ثناياها الاحتضان والمحافظة على المربى وصيانة آدابه وسلوكياته واحتوائه بلغة صامتة مؤثرة وتسامح وتصادق تتنقل ما بين قبلة حانية تارة وتارة أخرى تربيت محفز وتارة ثالثة مسكة يد مفعمة بالحب والحنان وتبنى كل هذه المعاني والمفاهيم على أساس من الفهم والفقه والاتقان لنجني تربية راقية مصلحة معدلة للسلوك. وللحديث بقية حول التربية باللمس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. *مدرب ومستشار أسري. [email protected] للتواصل نتلقى استفساراتكم ومشاركاتكم في صفحات الملحق عبر البريد الإلكتروني: [email protected] والفاكس 026764035