يكاد الحديث عن بدائل للعقوبات التعزيرية ينحصر في الحديث عن بدائل لعقوبات السجن، على نحو يوحي بأن التفكير في العقوبات البديلة إنما فرضه واقع الازدحام في السجون، إضافة إلى ما باتت تشكله السجون من حيث الإنشاء والصيانة والتشغيل من استنزاف للمال العام، حتى يكاد يكون الحكم بسجن مرتكب الجريمة حكما بإهدار مال كان من الأولى أن يصرف على جوانب أخرى في التنمية بدل صرفه على رعاية مسجون يقضي مدة عقوبته. وحصر التفكير في العقوبات البديلة بالبحث عن عقوبات بديلة للسجن فحسب لا يجعل هذا الضرب من التفكير متصلا بما حققته قوانين العقوبات من تطور في البحث عن عقوبات تكون أكثر اقتدارا على تحقيق المستهدف من تهذيب مرتكب الجريمة أو الجناية، وأكثر ملاءمة لما تطالب به جمعيات حقوق الإنسان في أنحاء العالم من التوصل إلى عقوبات لا تتعارض مع القيم الإنسانية التي ينبغي عدم المس بها عند معاقبة مرتكب الجرم أو الجناية. ولهذا ينبغي عند التفكير في إيجاد عقوبات بديلة أن تتسع دائرة التفكير فتتجاوز البحث عن بدائل للسجن لتشمل عقوبات أخرى تقف على رأسها عقوبة الجلد وما يتصل به من عقوبات تتصل بالتعذيب الجسدي لمن يرتكب جريمة ما، وإذا استثنينا عقوبة جلد الزاني، وهي العقوبة الوحيدة التي ورد النص فيها بإنزال عقوبة الجلد بمن يرتكب هذه الفاحشة، فإن بقية الأحكام بالجلد ليست سوى أحكام تعزيرية من الممكن إعادة النظر فيها والعمل على إيجاد عقوبات بديلة لها يتم من خلالها تهذيب الجاني دون المس بكرامته وتعريضه لمهانة الجلد وما يمكن أن تحدثه له من أذى نفسي يصعب عليه التخلص من أثره، وترسخ حالة العداء والقطيعة بينه وبين المجتمع. وقد نقلت لنا الأخبار التي نشرتها الصحف يوم أمس فقط أحكاما بالجلد بلغت 800 جلدة لكل واحد من لصوص ثلاثة اعتادوا سرقة حقائب السيدات، كما نقلت الأخبار جلد رجل اعتدى على شقيقته بالضرب على نحو أدى إلى بتر يدها 3000 جلدة، وعلى الرغم من أن هؤلاء المجرمين يستحقون ما حكم عليهم به، إلا أن كون هذه الأحكام أحكاما تعزيرية يجعل من الممكن التفكير في إيجاد عقوبات بديلة تنزه أحكامنا القضائية من أن تكون موقع ملاحظة من قبل الذين يرون ألا يكون عقاب المجرم متعارضا مع ما هو مستقر من حقوق الإنسان حتى ولو كان مجرما. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 165 مسافة ثم الرسالة