لما فقد الشعار الشهير «السجون إصلاح وتهذيب» كثيراً من بريقه، وأصبحت صدقيته موضع الشك، لأن كثيراً ممن يدخلون السجن يتأثرون سلباً ببيئته، وبعض من يخرجون منه لا يلبثون حتى يعودوا إليه، رحب عدد من المتخصصين في الشأن الاجتماعي بالأحكام والعقوبات البديلة مثل خدمة المجتمع، لتكون إحدى أدوات الردع البديل عن الحبس أو السجن. وذكر المحامي خالد أبو راشد أن الأحكام البديلة تنقذ أسراً من الضياع، لأن ضرر بعض العقوبات أكبر بكثير من هدفها في الإصلاح، وهذه الأحكام أكثر إصلاحاً لمن يرتكب بعض المخالفات التي لا ترتقي إلى درجة التجريم بالنص، وطالب بالتدرج في تطبيق هذه البدائل، ومن بينها الخدمات الاجتماعية من تنظيف المساجد والمدارس، لافتاً إلى أن بإمكان قاضي المحكمة الاستعاضة عن سجن بعض المخالفين بإجراء مسوح كشفية لعدد من منازل الفقراء، إلى جانب توزيع المساعدات العينية والمادية للمحتاجين، وخدمة المشاعر المقدسة في شهر رمضان أو موسم الحج وقال: «السجن أصبح مدرسة لتعلّم أنواع وأساليب الإجرام، فالسجين في بعض الأحيان يخرج مجرماً وليس شاباً صالحاً، وعدد من الجرائم نشأ من داخل السجن نتيجة للاحتكاك بمن امتهن القضايا الإجرامية». من جانبه، أشار الباحث الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية الرمضي العنزي إلى أن الأحكام البديلة تعتبر إحد أدوات الردع البديل عن الحبس أو السجن، وأن باب اجتهاد القاضي باب كبير في كثير من القضايا والمخالفات في الأحكام التعزيرية، وأن العقوبة في الأساس هدفها الردع، وربما يكون الحكم البديل أنفع وأجدى من الحبس، وأن السجن عالم مجهول ينبغي أن يحافظ قدر الإمكان على عدم الولوج إليه، لافتاً إلى بعض الدراسات التي توضح أن نسبة عودة السجناء المفرج عنهم ثانية في بعض البلدان العربيّة وصلت إلى 70 في المئة، وفي المملكة وصلت إلى 30 في المئة. وأضاف أنه في الدراسة التي أجراها وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للشؤون الاجتماعية أستاذ علم الاجتماع والجريمة الدكتور عبدالله اليوسف جاء أن الغرامة في مقابل عدم دخول السجن أفضل البدائل المحددة لعقوبات السجن، وبعدها بديل العمل لمصلحة المجتمع، ثم بديل الجلد وعقوبة الإتلاف، وأن كثيراً من الدول تبحث مسألة تبييض السجون لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية وسياسية على المجتمع، وعقوبة الحبس في بعض المخالفات أو الجنح لا تكون مفيدة بقدر ما يكون التفكير في حكم بديل انفع للمجتمع بحكم يناسب السن والمخالفة. وعن الناحية الاقتصادية، لفت إلى أن الأحكام البديلة تحد من حجم الإنفاق الذي يكلف وزارة الشؤون الاجتماعية على الفرد الواحد في دار الملاحظة ما يقدر ب 100 ألف ريال سنوياً، تشمل السكن والإعاشة والتعليم والخدمات الصحية والاجتماعية والنفسية والحراسات والمأكل والمشرب والكسوة، لافتاً إلى أنه هذا أسهم في تفضيل أسر من محدودي الدخل بقاء أبنائهم في تلك الدور. وذكر عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان المستشار القانوني خالد الفاخري، أنه يجب وضع قائمة بالمخالفات التي لا يمكن الحكم على مرتكبيها بالسجن، وإنما تطبّق بحقه عقوبات بديلة، مشيراً إلى أن بدائل الأحكام تساعد في الإصلاح والتهذيب وخدمة المجتمع.