قضى 20 شخصاً على الأقل وأصيب أكثر من مائة آخرين، نتيجة انفجارين متزامنين استهدفا أحد المساجد في مدينة «زاهدان» الإيرانية البارحة، في هجوم اعتبرته السلطات الإيرانية عملاً إرهابياً، فيما أعلنت جماعة جند الله مسؤوليتها عن التفجيرين قائلة إنها أتت انتقاما لاعدام طهران زعيمهم. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «إرنا» عن مصادر أمنية أن الحصيلة الأولية للضحايا تبلغ 20 قتيلاً ومائة جريح، بينما ذكرت محطة «العالم» التلفزيونية، الناطقة بالعربية، أن الانفجارين أسفرا عن سقوط 30 قتيلاً على الأقل، وأكثر من 50 جريحاً. وهز انفجاران قويان المدينة الواقعة ضمن محافظة «سيستان بلوشستان»، القريبة من الحدود مع باكستان، حيث ذكرت مصادر أمنية أن الانفجار الأول وقع أمام «المسجد الجامع» أكبر مساجد المدينة، تبعه بعدة دقائق انفجار آخر في نفس الموقع. ووصف نائب وزير الداخلية الإيرانية، التفجيرين بأنهما هجومان إرهابيان، حيث نقلت وكالة «فارس» عنه قوله إن «العملية الإرهابية في زاهدان خلفت العديد من القتلى والجرحى»، مشيراً إلى أنه سيتم الإعلان عن مزيد من المعلومات بعد انتهاء التحقيقات. وقال مسؤول أمني محلي: «إنه ليس من الممكن، الإعلان عن العدد الحقيقي للقتلى والجرحى في الانفجارين»، وتابع نائب قائد قوات الشرطة في محافظة «سيستان وبلوشستان»، جلال سياح، أن قوات الطوارئ وصلت إلى الموقع، وبدأت التحقيق لمعرفة أسباب الانفجارين. وشهدت مدينة زاهدان، التي تبعد حوالي 1100 كيلومتر (حوالي 700 ميل) إلى الجنوب الشرقي من العاصمة طهران، العديد من أعمال العنف أخيرا، كما كانت العام الماضي مسرحا لمصادمات دامية بين قوات حرس الثورة الإيرانية وعناصر مسلحة. ففي أواخر مايو (أيار) من العام الماضي، قتل 15 شخصاً وأصيب أكثر من 50 آخرين، نتيجة انفجار وقع في مسجد «أمير المؤمنين» علي بن أبي طالب، في زاهدان، ولم تعلن أية جهة، على الفور، مسؤوليتها عن الهجوم. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أودى تفجير انتحاري شهدته مدينة «سرباز»، في نفس المحافظة، بحياة 29 شخصاً على الأقل، بينهم مساعد قائد سلاح البر بقوات الحرس الثوري، وهو الهجوم الذي زعم مسؤولون إيرانيون أن للولايات المتحدة دورا فيه، في الوقت الذي عبرت فيه واشنطن عن إدانتها للهجوم. وأشارت طهران، وقتها، بأصابع الاتهام إلى الإدارة الأمريكية، دون أن تكشف عن مبرراتها لهذا الاتهام، إذ قال رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني: «نعتبر أن الهجوم الإرهابي الأخير هو نتيجة لأعمال الولاياتالمتحدة، وهو دليل على العداء الأمريكي لنا». بيد أن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، إيان كيلي، قال في حديث آنذاك، رداً على الاتهامات الإيرانية، إن «هذه المزاعم عارية تماماً من الصحة»، مضيفاً : «ندين هذا العمل الإرهابي، ونتقدم بمواساتنا للضحايا الأبرياء، والتقارير التي تشير إلى دور أمريكي لا أساس لها». وشهد أبريل (نيسان) 2008، انفجارا مماثلا استهدف مسجداً في مدينة «شيراز» الجنوبية، أدى إلى سقوط 13 قتيلاً وأكثر من مائتي جريح، في هجوم قالت الحكومة الإيرانية إنه وقع بعبوة ناسفة تم تصنيعها يدوياً، إلا أنها عادت لتشير إلى أن العبوة تمت سرقتها من معرض لمخلفات الحرب العراقية الإيرانية، في ثمانينات القرن الماضي، كما ألمحت إلى تورط دول غربية في الهجوم. وتعتبر سيستان بلوشستان مسرحا لحركة تمرد دامية منذ عشرة أعوام تقودها مجموعة تدعى جند الله. وآخر اعتداء تبنته هذه المجموعة وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 2009 وأدى إلى مقتل 42 شخصا بينهم عدد من ضباط الحرس الثوري في بيشين البلدة القريبة من الحدود الباكستانية.. وهذه العملية الانتحارية استهدفت اجتماعا بين قادة من الباسدران ووجهاء قبائل. وقد تم إعدام زعيم هذه المجموعة عبد الملك ريغي في العشرين من يونيو (حزيران). وبعد مطاردة استمرت سنوات، تمكنت إيران من اعتقال ريغي في فبراير (شباط) الماضي في عملية قامت خلالها السلطات الإيرانية بتحويل مسار طائرة كان على متنها ومتجهة إلى قرغيزستان. وتوعدت المجموعة بالثأر. وجماعة جند الله ينتمون إلى إثنية البلوش التي تمثل قسما كبيرا من سكان محافظة سيستان بلوشستان.