كلمة الفقر بذاتها كلمة مؤلمة وهي النابعة من الحرمان لافتقاد أبسط مقومات الحياة المعيشية حينما لا يجد الفقير توفر الغذاء والدواء وزد على ذلك المسكن الذي يؤويه وأسرته، وما يصاحبه من الهموم الثقيلة المؤرقة أناء الليل والنهار، وكأنهم في طواحين دائرة رحاها هارسة أجسادهم وآدميتهم؛ نتيجة حالاتهم المزرية في بيوتهم المتهالكة والمستأجر معظمها، فضلا عن السكن في الصنادق والخيام، والذين حينما تراهم في حالتهم الرثة وأسمالهم البالية وافتقارهم للنظافة كأنهم يعانون من طواعين مرضية تنهشهم، بل هو الفقر الذي ينهشهم! ومع ذلك صابرين محتسبين الأجر والمثوبة من الله الخالق الرازق سبحانه وتعالى. نعم.. الفقر ليس عيبا، ومتواجد في دول العالم، ولكن ! الشيء المأمول من الدولة مضاعفة الاهتمام بهم، وهي التي لم تقصر بالطبع، بمد يد العون، إلا أنه من الملاحظ ازدياد حالة الفقر بكثافة في السنوات الأخيرة، مما خلق فجوات ضائعة كلية في تفاوت الفروقات الاجتماعية، ما بين حالات الثراء المهيل والمتوسط وغلاء المعيشة، فمعالجة مشكلة الفقر لدينا تكاد تكون عصية على الحل ! حلا لهؤلاء الذين يعيشون على صدقة جارية ويكتسون منها كلما جادت بها الأيادي الخيرة والجمعيات الخيرية، التي لم تستطع تغطية متطلبات فقرائنا، وهي التي بدورها تتلقى الهبات من أهل الخير! فقد شاهدت الكثير من مناظر الفقر المؤلمة داخل مدننا وإحيائنا الشعبية العشوائية الآيلة بيوتها للسقوط، وقد كتبت الصحافة عنها وعن ناسها الغلابة! «عكاظ» أنموذجا فلعلكم تشاهدون كل يوم جمعة ما تطالعنا به صحيفة «عكاظ» وهي ميزة حسنة من محاسن الصحيفة، حقيقة حينما خصصت صفحة تعني بالفقراء، بعنوان «قصص إنسانية» ولمنظرها المؤلم المؤثر في النفس، تكلمت مع رئيس التحرير، فقلت إن الصفحة مؤلمة، وعلى ما أذكر أجابني بقوله، ولكنها همزة وصل لما يجود به أهل الخير للمعوزين، فقلت شكرا للزملاء في «عكاظ» على هذه المبادرة الإنسانية، لتذكر بتلمس أخبارهم وتفقد أحوالهم من قبل مؤسسات خدماتية ووزارية وأهل الخير، ليتواصل الدعم للفقراء، ولا يفوتني أن أهيب بوزارة التجارة بأن تنشئ جمعيات تعاونية للمواد الغذائية بالبطاقة لهؤلاء الفقراء، مثلما هو معمول به في دول العالم، كذلك وزارة الشؤون الاجتماعية، والتي آمل منها مضاعفة الدعم للفقراء والتبسيط في الإجراءات في قبول أوراق طلباتهم وسرعة إنجازها، ولا أنسى وزارة الصحة التي يجب عليها الاهتمام بصحة الفقراء وأسرهم ومراعاة الأفضلية لهم في غرف مستشفياتها الكثيرة حينما يصعب إيجادها للعناية بصحتهم وقد يموتون وهم لم يحصلوا عليها نتيجة بطء الإجراءات الروتينية المملة. أما البنك العقاري فيجب عليه قصر المدة المانحة للقروض بصفة استثنائية لهؤلاء الفقراء؛ ليجدوا المسكن الآمن لأسرهم، في حياتهم قبل مماتهم!! كل هذه من مسببات الفقر حينما يلجأ الفقير للبحث عن الغذاء والدواء والمسكن ولا يجدها إلا بشق النفس، فالفقر سيئاته كثيرة وهو الذي ليس له حسنات.