في فكر فرانسيس بيكون، أحد أشهر فلاسفة عصر النهضة الأوروبية، أن عقول البشر أجمعين مسكونة بجملة من الأفكار الخاطئة التي تظل تهيمن على تفكير الناس، يظنون وهما أنها صحيحة وصائبة ويخضعون لها كلهم باعتبارها جزءا من الطبيعة البشرية. وقد سماها بيكون (أوهام القبيلة)، انطلاقا من كونها أفكارا عامة خاطئة يقع فيها كل البشر مثل الانحياز إلى الذات، والميل إلى تصديق ما يوافق هوى النفس، والاجتهاد في رؤية ما يؤكد صحة الذات وعدم الاهتمام برؤية ما يخالفها، والتقليل من شأن كل ما ينافي الرأي أو إنكاره وتجاهله. وفي رأي بيكون أن تلك الأخطاء الفكرية المخزونة في أذهان الناس تحجب الحقيقة عنهم فلا يمكنهم رؤيتها، لذلك هم لا ينتبهون لوقوعهم في الخطأ ويظنون أنهم على صواب. وقد مثل بيكون للأخطاء الفكرية الساكنة في الأذهان والحاجبة للحقائق، بما يحدث للمختلفين أفرادا أو جماعات، حيث يحاول كل طرف هزيمة الطرف الآخر وتحقيق النصر عليه، بصرف النظر عن الصواب والخطأ، أو الحق والباطل، فتجد كلا الطرفين حريصا على البحث عن ما يؤيد وجهة نظره ويدل على صواب ما يقول، لايعنيه في شيء والبحث عما هو عكس ذلك، أي البحث فيما يمكن أن يبين زلل قوله ويظهر الخطأ فيه. كما أنه كذلك يظهر حريصا على البحث عما ينقض به القول المخالف له، وليس البحث عما قد يكون فيه إثبات صوابه. كلما بادر مسؤول إلى تبرئة منشأته مما ينسب إليها من أخطاء، وأخذ يرد على انتقادات المنتقدين بتعبيرات تقلل من شأن ما قالوه عنها وإعابته كقوله: (كلام مبالغ فيه) (الصحافة تفتعل الإثارة) (الأمر لا أساس له من الصحة) أو غير ذلك من أشكال النفي للخطأ بهدف تبرئة الذات .. كلما سمعت مثل ذلك، قفز إلى ذهني كلام بيكون! فأمثال هؤلاء المسؤولين لا يهمهم عند سماعهم الاتهامات الموجهة إلى منشآتهم التأكد مما قيل والالتفات إلى التحقق من وجود ما ذكر من تقصير وعيب، وإنما تكون ردة فعلهم المباشرة هي المبادرة إلى دفع التهمة وإنكار العيب وتبرئة الذات. هذه الرؤية الفكرية الخاطئة كما يجسدها بيكون، هي التي تقود الناس إلى نشوب الاختلافات بينهم مبتعدة بهم عن بلوغ الصواب. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة