رأى فائزون بجائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة في دورتها الثالثة، أن الجائزة تتجاوز دعم الترجمة إلى تعزيز آليات الحوار بين الحضارات والثقافات وأتباع الأديان على أسس وطيدة من احترام حق الاختلاف. وأبدى الفائزون: الدكتور محمد الخولي، الدكتور عبد الله القحطاني، الدكتور أحمد العويس، والدكتور ناصر العندس، اعتزازهم بالفوز بجائزة تحمل اسم الملك، وتجسد رؤيته لمد جسور التواصل المعرفي بين الثقافات وإثراء المكتبة العربية بالمراجع العلمية في العلوم الحديثة كافة. ولاحظوا بمناسبة حفل تسليم الجائزة اليوم في باريس، أن القيمة المعنوية المرتبطة باقتران الجائزة باسم خادم الحرمين الشريفين، حافز كبير لمواصلة العطاء في خدمة الإنسانية، ودعم الطاقات لإنجاز المزيد من الترجمات العلمية في تخصصات مختلفة. بيت الحكمة المحاضر الدولي الدكتور محمد الخولي (أستاذ الترجمة في معهد جامعة الدول العربية في الجزائر) اعتبر أن رعاية الملك للجائزة العالمية يحيي تجربة بيت الحكمة في عصر الخليفة المأمون التي أثرت الثقافة العربية بكثير من عوامل النهضة والتقدم. وأثنى على أهداف الجائزة لتشجيع جهود الترجمة من اللغة العربية وإليها، مؤكدا أن القيمة المعنوية للجائزة المستمدة من اقترانها باسم الملك عبد الله أولى بالاهتمام من القيمة المادية، وحافز أكبر للمترجمين للارتقاء بجودة أعمالهم لنيل شرف التنافس عليها. وأشار الخولي إلى أن من أهم أسباب سعادته بالفوز بالجائزة، إنها جاءت من جهة يعتمد برأيها وموضوعية أحكامها، تقديرا لما بذله من جهد في ترجمة كتاب (انهيار العولمة) وما اتصفت به عملية الترجمة من توخي الإتقان والمعايير العلمية، مشيرا إلى أن ذلك التقدير الأدبي والمادي يمثل دعما لجهود المترجمين في اختيار الأعمال المتميزة لنقلها إلى التراث المعرفي العربي. وأمل الخولي استحداث آليات لتنسيق جهود الترجمة في الدول العربية لتجنب التشتت والازدواجية والتكرر من حيث الإنتاج أو التمويل أو النشر أو التوزيع. طاقة كبيرة الدكتور عبد الله بن علي القحطاني، قال: «سعادتي بالفوز لا يرجع لكونه تتويجا وتقديرا لعمل بذل فيه مجهود كبير فقط، بل لارتباطه باسم خادم الحرمين الشريفين»، مشيرا إلى أن الفوز بهذه الجائزة العالمية أشعل لديه طاقة كبيرة لإنجاز المزيد من الأعمال المتميزة. وزاد القحطاني «فوزي بهذه الجائزة وسام فخر لي ولأبنائي وأسرتي، وحافز كبير لمواصلة الجهود في ترجمة المراجع العلمية التي تلبي احتياجات المكتبة العربية»، مؤكدا أن رعاية الملك للجائزة تشجع كل القادرين على الترجمة لتقديم أفضل ما لديهم، أملا في الترشح لها ونيل شرف الفوز بها، وهو ما يساهم ليس في زيادة عدد الأعمال المترجمة من وإلى اللغة العربية فقط، بل ويرتقي بجودة الترجمة ونوعية الكتب في كافة مجالات العلوم الإنسانية والطبيعية. وأشار القحطاني إلى أن أهمية الجائزة تتجاوز تشجيع الترجمة والاستفادة من النتاج العلمي والفكري للعلماء والمفكرين من جميع دول العالم إلى تعزيز آليات الحوار بين الحضارات والثقافات وأتباع الأديان على أسس وطيدة من احترام حق الاختلاف، ومعرفة رصينة بالمقومات الثقافية والفكرية والدينية للآخر، وهو ما يجعل من هذه الجائزة ملمحا بارزا في جهود خادم الحرمين الشريفين للحوار بين الثقافات. وحول دوافعه لترجمة كتاب «الكيمياء الفيزيائية» لمؤلفة بيتر اتكنز، الذي أهله للفوز بالجائزة، ذكر القحطاني أن ذلك جاء نتيجة لاتفاق الزملاء الذين شاركوا في ترجمة الكتاب على افتقار المكتبة العربية لهذه النوعية من المراجع العلمية في الكيمياء الفيزيائية، فضلا عن أن هذا الكتاب من المراجع الأساسية في هذا التخصص. الكيمياء الفيزيائية الدكتور ناصر بن محمد العندس الذي فاز بالجائزة عن ترجمة كتاب «الكيمياء الفيزيائية» مع زميليه الدكتور أحمد العويس والدكتور القحطاني من اللغة الإنجليزية إلى العربية، تذكر لحظة إبلاغه بالفوز، قائلا: «كان يوم إبلاغي بالفوز من أسعد أيام حياتي، ليس بسبب القيمة المالية لها، لكن لاقترانها باسم خادم الحرمين الشريفين ورعايته الكريمة لها، وهو الأمر الذي يضاعف من قيمة الجائزة ويجعلها حافزا كبيرا لكل المترجمين لنيل شرف الفوز بها»، مؤكدا أن الجائزة نجحت في أن تستحوذ اهتمام عدد كبير من المترجمين، مما ينشط حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية، حيث كانت تحتاج إلى منشط بحجم هذه الجائزة العالمية بما يحقق التواصل المعرفي بين الثقافات المختلفة، ويكشف عن قدرة اللغة العربية على استيعاب المستجدات العلمية. وأعرب العندس عن تفاؤله بأن تساهم الجائزة في السنوات المقبلة في تشجيع المؤسسات والأفراد على ترجمة أفضل الأعمال في مجال العلوم الطبيعية، وانتقاء الكتب التي تلبي احتياجات حقيقة للباحثين، ولا سيما أن إنجازات المؤلفين العرب في هذا المجال لا تحقق التطلعات المنشودة بدليل حجب الجائزة هذا العام في مجال ترجمة العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى. ولفت العندس إلى أن الترجمة الجماعية للمادة العالمية المتاحة في تخصصات متنوعة وبلغات متعددة، يتيح للقارئ العربي أمهات الكتب بلغته، مؤكدا أن جهود الأفراد في مجال الترجمة تفوق ما تنجزه المؤسسات من حيث القيمة العلمية، نتيجة لعدم اهتمام الأفراد بالجوانب المادية. مصادر المعرفة الدكتور أحمد العويس (أستاذ الكيمياء في جامعة الملك سعود) وصف فوزه بالجائزة بأنه إنجاز يعتز به في مسيرته الشخصية والأكاديمية، وذلك لارتباط الجائزة باسم قائد مسيرة الشموخ والتطوير الملك عبد الله. ورأى العويس أن أهداف الجائزة تجعل من الفوز بها مصدر فخر واعتزاز وحافز لكل المعنيين بالترجمة من المؤسسات والأفراد؛ لتقديم أفضل الأعمال التي تضيف للمكتبة العربية، وتوفر مصادر المعرفة للباحثين والطلاب في جميع التخصصات، ولا سيما في مجال ترجمة العلوم الطبيعية والتجريبية التي تعد من ركائز النهضة والتقدم.