من أعظم نعم الله على الإنسان، حرية الرأي والتعبير والإرادة، لكن الملاحظ اجتهاد بعض أفراد المجتمعات العربية والإسلامية في القوامة على غيرهم؛ بغية الحفاظ على هوية المجتمع وخصوصيته، فضيقوا واسع الفكر، وأفسدوا الود والقضية، ووظفوا القاعدة الشرعية الأصيلة «سد الذرائع» في غير سياقها، وأسقطوا سهوا أو عمدا شعار الرأي والرأي الآخر، مع أن كثيرا من القضايا الاجتماعية والدينية، عرضة للتفسيرات وقابلة للأخذ والرد، بل إن مناقشتها «بموضوعية وتجرد»، حق تضمنه الدساتير، والأعراف، وطرحها علاج لكثير من المشكلات العصرية، وتحقيق التوافق الاجتماعي. وفي المقابل، أرى أن انفلات قنوات التعبير الحر في كثير من المجتمعات الأجنبية على الرغم من إيجابياته أنتج آراء وسلوكيات تجرأت على بعض الثوابت والمعتقدات الدينية، وخدشت حياء تلك المجتمعات، الأمر الذي قد يفسر تردد بعض المجتمعات الإسلامية والعربية المحافظة في فتح الباب للأفكار التنويرية التي تسعى إلى التطوير الاجتماعي، دون مساس بالثوابت، فاقتصرت مؤسساتها الدينية، وبعض قنوات إعلامها على ترسيخ آراء لا تمثل بالضرورة رؤية جميع أطياف المجتمع وفئاته. إن من الحكمة أن يتبنى مجتمعنا رؤية الملك «عبد الله بن عبد العزيز» حول الحوار والسلام وقبول الآخر، المنطلقة من «إن دين الإسلام دين الحوار والوسطية والتعايش»، وأن يحرص أبناؤه على تطبيق رؤيته وإرشاداته الجامعة «الكلمة أشبه بحد السيف، بل أشد وقعا منه، لذلك فإنني أهيب بالجميع أن يدركوا ذلك، فالكلمة إذا أصبحت أداة لتصفية الحسابات والغمز واللمز وإطلاق الاتهامات جزافا، كانت معول هدم لا يستفيد منه غير الشامتين بأمتنا، وهذا لا يعني مصادرة النقد الهادف البناء، لذلك أطلب من الجميع أن يتقوا الله في أقوالهم وأعمالهم وأن يتصدوا لمسؤولياتهم بوعي وإدراك، وأن لا يكونوا عبئا على دينهم ووطنهم وأهلهم». أفبعد هذا يأتي من يساوم على حرية الرأي البناء، ويصادر الحق في التعبير بالكلمة الطيبة!. * استشاري أمراض صدرية واضطرابات نوم [email protected]