لا يمكن لمنصف أن ينكر الدور المهم الذي تنهض به الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ووقوفها إلى جانب من يلجأ لها ممن يشعر بضيم يلحق به وإهدار لحقوقه من قبل هذه الجهة أو تلك، سواء تمثلت هذه الجهة في دوائر حكومية، أو مؤسسات خاصة، أو عنف يمارس من قبل أسرة من يستجير بحقوق الإنسان من ظلم أب أو جور أخ أو استبداد زوج. وإذا كانت جمعية حقوق الإنسان تستحق الشكر على ما تعنى به، فإنها تستحق العتب في الوقت نفسه على إنشغالها بما تنشغل به من قضايا فردية عما هو أدخل في اهتمامها وأولى بمتابعتها من قضايا كلية، وهي قضايا لو تمكنت من تصحيح الوضع فيها لانحلت كثير من القضايا الفردية التي تتابعها، إن على حقوق الإنسان أن تعنى بأمرين أساسيين، يتمثل الأول منهما في متابعة مدى التزام الجهات المختلفة بالأنظمة التي وضعت لكي تحفظ حقوق الناس من أن تتعرض للإهدار، ذلك أن مرد كثير من القضايا يعود إلى مخالفات الجهات المختلفة في تطبيق الأنظمة، ومن شأن متابعة جمعية حقوق الإنسان لمدى التزام الجهات بالأنظمة ألا يرفع الظلم عمن يلجأ إليها، بل يمنع حدوثه عن الجميع، حتى أولئك الذين لا يعرفون أن ثمة جمعية لحقوق الإنسان بإمكانها أن تنصفهم، أما الأمر الآخر الذي يتوجب على جمعية حقوق الإنسان أن تتوقف عنده فهو مراجعة مختلف الأنظمة ومطالبة الجهات التشريعية بتعديل أي خلل يمكن له أن يكون في تلك الأنظمة يجعلها لا تتوافق مع قيم العدل والمساواة والمحافظة على حقوق المواطنين والمقيمين كذلك. إنشغال جمعية حقوق الإنسان بالقضايا الفردية تعطيل لعملها على الكليات التي هي أحوج إلى مراجعتها ومتابعتها وبمثلها تنشغل جمعيات حقوق الإنسان المماثلة لها في العالم. [email protected]