اختلف الشعراء حول أهمية توظيف المثل الشعبي في القصيدة، حيث يرى البعض أن استحضار الشعراء للأمثال الشعبية وتوظيفها بطريقة مناسبة في النص يزيد من قدرتها على التأثير في المتلقي، ويدل على سعة ثقافة شاعرها في الموروث. بينما يرى آخرون أن توظيف الشاعر للمثل الشعبي في قصيدته، لا يضيف جديدا سوى تكرار بعض الجمل المعروفة التي لا تمنح النص أفقا إبداعيا جديدا. الشاعر سالم بن غضيف، لفت إلى أن توظيف المثل في كثير من الأحيان يزج بالشاعر في فخ التكرار الممل الذي لايضيف للنص. وأضاف: كثير من الشعراء يوظفون مثلا شعبيا هو في الأساس شطر من بيت شعر معروف أو مقولة شهيرة حفظها الناس ورددوها وأصبحت مثلا دارجا على ألسنتهم لأنها تحمل حكمة أو مضمونا قويا، وخذ على سبيل المثال مقولة نمر بن عدوان الشهيرة «هذا بلا أبوك يا عقاب»، والتي تحولت إلى مثل شهير أصبح يردده البعض في كثير من المواقف، بل إن الشعراء استحضروا هذا المثل في كثير من قصائدهم، ولعل الجميع يتذكر قصيدة الشاعر خالد المريخي التي يقول فيها: ما فيه مثله بالبشر صدقوني مزيون متواضع وطيب وجذاب يقول بس الزين فيني عيوني وأقول أنا هذا بلا أبوك ياعقاب ويرى ابن غضيف أن المثل في هذه القصيدة لم يضف لها أي بعد إبداعي، عدا الوقوع في التكرار، مؤكدا أن خالد المريخي قادر على ابتكار مثل شعبي لا يقل عن مقولة نمر بن عدوان. أما الشاعر عبد الله الطفيلي فيشير إلى أن قدرة الشاعر على توظيف المثل في النص تتوقف على مقدرته الشعرية، مبينا أن بعض الشعراء يستطيعون توظيف المثل في سياقه الصحيح، بينما يخفق بعض الشعراء في توظيف المثل، مما يضعف النص. ويستحضر الطفيلي بعض الأبيات التي يرى بأن الشعراء استطاعوا من خلالها توظيف الأمثال بشكل احترافي يدل على تمكنهم من أدواتهم الشعرية، فضلا عن سعة ثقافتهم واطلاعهم على الموروث الشعبي الذي لا ينفصل عن أي منتج إبداعي، ويقول الطفيلي ما زلت أتذكر هذا البيت للشاعر غازي بن دخيل الله بن عون: ومن زاغ عن صف الجماعة ليا راح قلنا لعله هفة مقيط ورشاه ويؤكد الطفيلي بأن الشاعر أجاد في توظيف المثل بالشكل المناسب الذي يضيف للنص. كما أورد الطفيلي بيتا للشاعر القدير محمد الأحمد السديري، موضحا أن السديري استطاع أن يمنح النص بعدا إبداعيا آخر من خلال توظيف نفس المثل السابق: وكم قلت له لازم يجي فيك عفه ومن صد عنك بنايباته عنه كف خله وراد مقيط يتبع مهفه ولياك يا قلب شقا به تحسف ويرى الشاعر حسين بن فهد القحطاني، أن توظيف المثل في القصيدة يعتمد على قدرة الشاعر الإبداعية، مبينا أن بعض الشعراء يضعفون المثل الدارج حين يستخدمونه في غير محله، بينما نجد أن الشعراء المتمكنين عندما يستخدمون المثل الدارج في قصائدهم يمنحونه فضاءات أخرى من الإبداع والتحليق في آفاق أخرى.