انتشرت في الساحة الشعبية أخيرا ظاهرة غناء القصيدة على ما يسمى بلون «الشلة»، مما دفع كثيرا من الشعراء المعروفين في الساحة الشعبية إلى غناء قصائدهم في حال كان صوت الشاعر جميلا، فيما لجأ شعراء آخرون إلى بعض الأسماء ذات الصوت الجميل لغناء قصائدهم وطرحها في دواوين صوتية أو تسجيلها لإحدى الفضائيات المهتمة بالموروث الشعبي؛ بهدف توصيلها إلى الجمهور المفتون بالنغم أكثر من الشعر في كثير من الأحيان. الشعراء اختلفوا حول مدى خدمة الغناء للقصيدة، فمنهم من يرى بأن اللحن والشعر مرتبطان ويضيف كلاهما للآخر، فيما يرى آخرون بأن القصيدة يجب أن تظهر للمتلقي دون أي محسنات قد تجمل الركيك من الشعر وتسهم في طمس عيوبه. الشاعر عبد الله عطية الحارثي أشار إلى أنه ينحاز إلى النص المقروء أكثر؛ لأنه عندما يقرأ النص يكون أكثر تجردا في الحكم عليه بعيدا عن المجملات الأخرى المتمثلة في الغناء أو الإلقاء الجميل. وأضاف الحارثي «عندما أسمع بعض النصوص المغناة على لون الشلة أو من شاعر يجيد فن الإلقاء استعذبها، ولكني عندما أقرأ بعض تلك النصوص على الورق أنصدم بها من حيث مستواها الشعري الأقل من عادي، لذا أنا دائما أنحاز للنص المقروء». ويخالف الشاعر سالم بن غضيف رأي الشاعر الحارثي في رؤية أخرى للشعر وفنياته، حيث يرى ابن غضيف أن الشعر والإلقاء والغناء ركائز أساسية لتوصيل النص، مؤكدا أن الشعر عرف مرتبطا بالغناء، وبين ابن غضيف أن العرب عندما يلقي الشاعر قصيدته في مناسبة ما كانوا يقولون: «أنشد قائلا»، ولا يقولون ألقى قصيدته وهذا دليل على أن الشعر ولد ملازما للإنشاد. وأوضح الشاعر حسين بن فهد القحطاني أن الغناء والإلقاء الجميل لا يمكن عزله عن النص؛ لأن الإلقاء والغناء من عوامل البلاغة التي تضيف للنص بعدا آخر وتجعله أكثر تأثيرا في المتلقي. وأفاد القحطاني أن كثيرا من الشعراء الجميلين لا يملكون أصواتا جميلة في الإلقاء أو الغناء وهذا ربما يفقدهم قدرة التواصل والتوصيل، مؤكدا في الوقت نفسه أنه ليس بالضرورة أن كل ما يصل من الشعر وينتشر هو الأجمل. وخلص القحطاني إلى القول بأنه مع التجارب المتكاملة شعرا والقاء، غير أنه أبدى تحفظه على غناء الشاعر لقصائده، وقال: «بعض الشعراء تحولوا إلى مطربين وأصبحوا يغنون قصائدهم بألحان ليست من موروثنا الأصيل ولا تتسم بأصالة النغم بل تميل لليونة التطريبية، وبهذا أرى أن يتجه هؤلاء الشعراء إلى الساحة الفنية لمواصلة مشوارهم هناك بعيدا عن الشعر ومواويله وشلاته المعروفة».