أشارت دراسة حديثة في ولاية ميتشغن الأمريكية، أن للوالدين تأثيراً كبيراً على ميل الطفل للعلوم الطبيعية والتطبيقية كالرياضيات والهندسة والطب، مؤكدة أن تشجيع الأولاد والبنات على التوجه للدراسة في تلك المجالات قد يسهم في صناعة الكوادر الضرورية في المستقبل. وأظهرت الدراسة أن أربعة في المائة فقط من الطلبة الذين لم يحظوا بتشجيع جيد من الوالدين على الالتحاق بالكليات الجامعية سعوا إلى التخطيط للتخصص في أحد المجالات التالية (العلوم، الطب، الهندسة، التقانة، الرياضيات) وذلك مقابل 41 في المائة بالنسبة لمن تلقوا تشجيعاً من قبل الوالدين. أجريت الدراسة على 6 آلاف طالب من المرحلة المتوسطة وحتى التحاقهم بالكليات الجامعية. ويرى الباحث ميللر أن الطريق نحو الانخراط في مجالات العلوم الطبيعية والتطبيقية يبدأ من المنزل. وهنا يراودني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «انكحوا أمهات الأولاد فإني أباهي بهم يوم القيامة» ذكره الشافعي بلاغا عن ابن عمر بلفظ «تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم» مسند أحمد، ويراودني أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم «يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها قال قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ قال أنتم يومئذ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن» مسند أحمد، وهنا يطرح سؤال الكثرة التي يباهي بها النبي صلى الله عليه وسلم هل هي الكثرة غير المتعلمة؟ الكثرة المنشغلة بفرعيات الأمور؟ الكثرة التي تقيم حروباً حول فرعيات والأمة مهزومة ومتواكلة؟ الكثرة التي تترك الواجبات وتتمسك بالتوافه؟! أم المباهاة بالأمة المسلمة العالمة الصانعة التي تعرف حقوق ربها وتعرف متطلبات عصرها، الأمة التي تحرص أن تأكل من فأسها ليكون قرارها من رأسها، الأمة التي تحفظ القرآن ومع الحفظ تغيير واقع واتقان واجب وانتصار أمة وتقدم صناعة. يقول عمرو ابن كلثوم: ملأنا البر حتى ضاق عنا وماء البحر نملؤه سفيناً نريد هذا الفخر بين أمتنا، بين أمهاتنا بين أسرنا، أن يفتخروا بملء البحر والبر بعلمائنا الأفذاذ الذين يبنون نهضتنا من مسجدنا ومختبرنا مثل: الجراح الرازي، ابن طفيل المشرح وابن النفيس عالم القلب وعلي الكحال خبير طب العيون والعالم النفسي ابن ميمون وعمار الموصلي والكندي وابن زهر وأبو القاسم الزهراوي وابن الجزار القيرواني وغيرهم الكثير الذين قال فيهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم «إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة» مسند أحمد من حديث ابن عمر. فهيا لفهم الدين الصحيح، هيا لفهم الواجبات العصرية والفروض المنسية، هيا لصناعة الرواحل، هيا لصناعة العلماء، هيا لصناعة الرجال، هيا لصناعة نهضة الأمة. * مدرب ومستشار أسري [email protected]