الشعارات فن لا يجيد كل واحد تصديره وإعلانه، هناك فئة تنتج الحمية المكتنزة بكم الشعارات الهائل وتوزعها معلبة على شريحة الأتباع والمريدين، وهم بدورهم يبدأون بمرحلة الردح وإن كانوا لا يعلمون الهدف والسبب والقضية، ففقط لأن «الجمع العام» رددها ونحن على دربهم سائرون. الشعارات دائما تختزل القضايا والأحداث، وتعزز في المقابل الاعتزاز بالأفكار بدائرتها الواسعة، والتعصب للرأي الذي يتحول من التداول الحضاري إلى التداول الشفهي بمنطق «قابل الصياح بالصياح تسلم»، الأمر الذي يحول القضايا العميقة إلى قاذفات صوتية يطلقها من هب ودب. تخيلوا معي أن يخرج قرني الاتحاد أو حقوي النصر أو مايسترو جماهيري آخر، والجمهور من خلفه يردد الشعارات بينما فريقهم مهزوم بخمسة من الأهداف وأكثر، فأي قيمة للشعارات في تلك اللحظة، التي تصبح آنذاك «صياحا» على عكس لو كانت المسألة تعادلا أو فوزا فهنا «تشجيع» يرص الشعارات رصا. هكذا، إذن.. كثير من مروجي الشعارات يتحركون في الوقت الضائع، وفي معارك خاسرة منذ بدايتها، لا يقدم ترديد الشعار وحشد الرأي سوى التأكيد على الحالة الحرجة التي يعيشها «المتورط» أو المهزوم، وإن سير أتباعه ومريديه وطلابه، وشن الحملات الجوية والأرضية لنصرة رأيه أو الدفاع عنه. إن مبدأ «عليهم عليهم» لم يعد نافعا حتى في ملاعب الكرة، فما بالكم في مجتمع متعدد الأطياف والأفكار، حتى التمسح «شعاراتيا» بمسوح الدين أصبح مكشوفا أمام النضج الاجتماعي، ولم تعد محفزات «انشر تؤجر» تفضي إلى تحقيق أهداف الشعاراتية والمدججين في معركة بلا راية، ويحسب للمجتمع استيعابه لمفهوم «المفرزة» وفرزه لسقيم الأفكار من صحيحها، دون التفات لحملات «عليهم عليهم»، وما حديث الأحمد في هدم البيت الحرام وبنائه بأدوار معزولة للجنسين إلا دليل واضح على النضج الاجتماعي الذي «سخر» من هذا الهذر، وعزل الأحمد ومن شاكله عن محيط الوعي وتجاوزهم ليؤكد أن العقل الجمعي لم يعد «محقانا» سبيلا للساكبين. أفهم أن يتعصب الفرد لرأي أو فكرة كحق طبيعي، وقمة السخف حين تتحول اللغة إلى «غصب» عليكم توافقون عليها، وإلا فأنتم تتصيدون وتلتقطون «عنوة» في الماء العكر.. وإن ما عجبكم فدونكم جوقتي «الرادحة» بنشيدها الوطني: عليهم عليهم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة