من مسلمات هذا الزمان القول: إن قيمة المرء فيما يحسنه، ومما استقر في الأذهان وتراكم في الخبرات أن المتكلم في غير فنه سيأتي بالعجائب والغرائب، كالخائض في لجاج الفكر تتخاطفه الأحداث والوقائع وتزج به تحت وطأة سؤال المريدين والأتباع إلى طرق فنون الآخرين وتخصصاتهم، والتعامل معها بصفة «أنا الأفهم والأعلم» وليس عندي إلا «الصح» وإن كان سرجي على خيل غيري. من الطبيعي أن يقابل الإنسان في حياته أو يعرف بعضا من هواة «الإجابة على كل سؤال»، وأمثال هؤلاء ينقلب سلوكهم – مع مرور الزمن – إلى حالة من التندر والفكاهة، والتربص لإيقاعهم في حبل «فهمهم» الألمعي، كفعل صاحب «النظرات» مصطفى لطفي المنفلوطي بساكن حيه، وحصاره بال «الخنفشار» المسجل في ملكية المنفلوطي الفكرية، ليكون جوابه عند سؤاله عن معنى «الخنفشار» وهو يتأبط علما: إنه نبات في أطراف الهند الشرقية، ثمره أحمر وشكله شبيه بالبرتقال، وهو يشفي من داء السكري!. كثير من «الخنفشاريين» تكيفوا مع معطيات زمننا الحاضر وتقلباته، ولم تعد «خنفشاريتهم» محدودة في مجالس الأنس والسمر، وإنما أصبح ضربهم على «الثقيل» عابرا للقارات ومطعما بالبهارات اللفظية التي تتيح له اختراق حدود غيره في علمهم وتخصصاتهم، فيكون موسوعة في الإجابة على آفاق الخروج من الأزمات السياسية، وحصار السلبيات الاجتماعية، واقتراح مشاريع النهضة الحضارية، وكيف يشفى العالم من أزمته المالية.. وغيرها في الفن والهندسة والطب والرياضة، وهكذا «عيانا بيانا».. فالمسألة وما فيها مجرد شاشة و«بشت» ثم خض فيما شئت. حينما ينقم أحد ما على كاتب رأي دخوله في تفاصيل لا يحسنها ولا يجيد التعاطي معها؛ فهذا يعني أن نضجا يحرك المتضاد من الأفكار والمعارف، وإنصافا لذوي التخصص وحماهم الذي استبيح، لكن صوت الأفكار – أحيانا – يكون انتقائيا حينما يشجب «آحادا» ويترك «مئات» يخوضون في حديث غيرهم، بإضافة سمة «القداسة» و«الفضيلة» ولو كانت على حساب المنطق والمعرفة وصحيح القول، ويتحرك صاحبها تبعا للهالة التي تحيطه.. وشيئا فشيئا ينمو شعور «الموسوعة» لديه، وإن كانت في فنون «الخنفشار» أو كما حكى المنفلوطي عن صاحبه «بتاع كله» يوم سأله مجتمع الحي: متى وجد الناس على الأرض، وأين وجدوا؟ قال: وجدوا منذ ثلاثة ملايين وأربعة آلاف وثلاثمائة وخمس وسبعين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيام!. والمكان الذي وجدوا فيه يسمى «هلياس». قلت: و«هلياس» هذا الزمان سهل علينا فعل الإمام أبي حنيفة يوم إعلانه «آن لأبي حنيفة أن يمد قدميه». [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة