أنا مطلقة منذ ثمانية أعوام، أم لبنت تبلغ من العمر ثمانية أعوام، منذ انفصالي عن والد ابنتي لم أتزوج خوفا على شعورها ورغبة في رعايتها، في الشهر الماضي فاجأتني طفلتي برغبتها في العودة إلى والدها، خاصة أنه لم يتزوج من امرأة أخرى وبقيت حتى الآن تصر على رغبتها، لا أنكر أن نفس رغبة ابنتي موجودة في داخلي، لكن المشكلة أن والد طفلتي في كل مرة يقول لي إنه فقط ينتظر أن يصل عمر طفلتنا التاسعة حتى تنتقل حضانتها إليه، وأعتقد أن هذا الكلام هو سبب رغبة طفلتي في أن أعود إلى والدها حتى لا تفترق عنا أنا ووالدها، وحتى لا تزداد آلامها، ففي كل مرة تسمع ذلك الكلام من والدها تسوء حالتها الصحية والنفسية، فتهرب بنفسها إلى النوم الطويل وإلى الخروج المستمر من البيت، رغم محاولاتي معها أن تكون قوية أمام المواقف التي قد تواجهها وأن لا تسوء علاقتها مع والدها وأن تتاكد أنني لن أبتعد عنها، ومع ذلك بدأت في الآونة الأخيرة ألاحظ عليها بعض التغير في أكلها، ونسيانها الدائم لدروسها وأدواتها المدرسية وعدم التركيز في أداء واجباتها، وبدأت أفكر: هل حالة ابنتي باتت في حاجة إلى طبيب نفسي، وهل أخبر والدها بحالة طفلته وأبلغه رغبتي في العودة اليه، وهل إن فعلت ذلك أهدر كرامتي؟. الحائرة أم الطفلة بقاؤك بلا زواج طوال هذه السنين دليل على حرصك على العودة لزوجك السابق، وقد أكدت رسالتك هذا المعنى، أما هو فإما أن يكون أيضا راغبا في العودة للحياة معك، أو أنه مر بتجربة قاسية معك جعلته يعزف عن الزواج طوال هذه السنوات، أما عن الأعراض التي تشكو منها ابنتكما فدليل على كراهيتها الانفصال عنك، في الوقت الذي تحب أن تكون معك ومع أبيها، وحين تفكرين في كتابة رسالة له تعربين فيها عن حبك ورغبتك في العودة للعيش معه ومع ابنتك فليس فيها أي دليل على ضعف أو خطأ، أتمنى أن تحذو كل امرأة حذوك وتكون صادقة مع نفسها، وتعبر لزوجها أو طليقها عن مشاعرها بصدق، أما كيف سيقابل هذا الصدق فأمر يخصه هو ولا يعنيك لا من قريب ولا من بعيد، عليك يا ابنتي أن تتذكري أنك بعد الزواج والإنجاب لابنتك عليك حق، وحين تأخذينها في الحسبان فهذا قمة الإيثار، وقمة التفكير الصحيح، ولا ينبغي أن تلتفتي لأي كلام يسود في محيطنا الحالي، ويدور حول الكرامة والقوة والضعف، فأنت وهو لستما في معركة تحتاج لحسم لصالح أحد الطرفين، تذكري أن هناك يوما ستقفين فيه بين يدي الخالق وكلما كانت مواقفك تتسم بالتسامح والحب ثقل ميزانك. كما أن مصلحة ابنتك تقتضي العيش معكما، تبقى نقطة مهمة تتعلق بعدم قدرته على التسامح مع مواقف في الماضي، وهنا يأتي دورك أيضا فكلما كنت أقوى واعترفت بأخطاء ارتكبتها في حياتك الماضية ساعد ذلك على سرعة تسامحه معها. تذكري دائما أن مستويات السلوك تبدأ من مقابلة السيئة بالسيئة ولكن العفو والصفح والإحسان مستويات أرقى وأعلى، وتأكدي أنه لن ينقص من قدرك ولا من كرامتك مثل هذا الاعتراف، ابدئي بكتابة الرسالة له، وضمنيها كل المشاعر الجميلة التي تكتبينها له، وتأكدي أن جميع البشر تسرهم الكلمة الطيبة، ويشعرون بتحسن كبير حين يشعرهم الآخرون بأنهم موضع اهتمام ومحبة، راجعي تاريخ العلاقة بينك وبينه وذكريه بحسناته، وذكريه بالأيام الجميلة بينكما، وأظهري استعدادك لتفادي الأخطاء التي حصلت وعبري له عن حبك الذي لم تنجح لا الخلافات ولا الأيام في طمسه أو إضعافه لأنه بحاجة لأن يشعر بأنك ما زلت تحبينه، وأنك مستعدة لإحداث تغييرات عندك في سبيل إسعاده والحفاظ على الحياة الجميلة التي تحتاجانها وتحتاجها ابنتكما.. مع تمنياتي لك وله ولابنتكما بالتوفيق والسعادة.