قاد الأمير بدر بن عبد المحسن ثورة التجديد في النص العامي الخليجي في مجتمع طارد لكل مغامرة يراد بها التجديد والخروج عن المألوف. ورغم ذلك لم يأبه البدر بعراقيل الذائقة المتمسكة بالمعنى المعجمي التقليدي للمفردة الشعرية في حقبة زمنية تشكو محدودية الثقافة والاطلاع. بدأ البدر مشروعه التطويري للنص العامي منطلقا من قناعته، التي يرى عبرها أن الشعر لا بد أن يمر بتحولات داخلية تواكب التطور الحضاري، الذي يعيشه المجتمع، ورغم ظهور بعض الانتقادات اللاذعة لهذا النوع من الشعر، والتي ربما أسهم وضع بدر بن عبدالمحسن الاجتماعي في تخفيفها والحد من تأثيرها، إلا أنه شق طريقة واستطاع أن يقنع عشاق الشعر بما يكتب، منطلقا من ثقافة واسعة، وذاكرة تختزن موروث الآباء والأجداد وأدوات شعرية قوية استطاع عبرها بحرفنة المبدع، أن يلامس الذائقة السائدة، وهو يردد «يا بنت أنا للشمس في جلدي حروق... وعلى سموم القيض تزهر حياتي». ولعل انتقاء بدر لتلك المفردات البسيطة من حياة ابن الصحراء، وإعطائها أبعادا دلالية مختلفة من خلال تركيبها البنائي وتفريغها من معناها التقليدي، أسهم في تمهيد الطريق أمام الذائقة السائدة في ذلك الوقت لتحلق في فضاءات أخرى، وتردد مع البدر: «كتبت اسمك على صوتي كتبته في جدار الوقت على لون السما الهادي على الوادي على موتي وميلادي» استمر البدر في مغامرته التجديدية مدفوعا بتقبل النخبة لما يكتب، وزاد من حماسه وصول تراكيبه الشعرية الجديدة ومهاراته اللغوية والثقافية إلى الإنسان البسيط عبر بعض قصائده التي عانقت الأسماع بصوت بعض الفنانين المتميزين ومنهم طلال مداح: «صحيح جرحتي الظلام بالخد وبنور الجبين ليلة تمرين» لم تعد تجربة البدر مرهونة بتقبل أو رفض الذائقة السائدة لما يكتبه في ذلك الوقت، بل إن تلك التجربة استطاعت أن تغري كثيرا من الشعراء للمغامرة والتجريب، فظهر لنا العديد من الأصوات الشعرية الجميلة كفهد عافت ومسفر الدوسري والحميدي الثقفي وعواض العصيمي وطلال حمزه وصالح الشادي ونايف الجهني وغيرهم، وعندها ارتفعت الأصوات المعارضة، وزادت حدة النقد، وبدأت معركة أشبه ما تكون بتلك التي قادها بدر شاكر السياب ونازك الملائكة عند ظهور قصيدة التفعيلة في الفصيح قبل أكثر من 60 عاما. ورغم اختلاف القيادات في الفصيح والعامي، إلا أن البدر استطاع أن يقود كتيبته الإبداعية لنصر مؤزر، فتح أبواب المغامرة ومنح الشعر آفاقا أرحب في الموسيقى والخيال واللفظ والمعنى.