مفهومنا للفساد مفهوم ناقص بالشكل الذي يتم طرحه وتداوله في أدبياتنا، بل هو مفهوم مفبرك ومفرغ من محتواه كما هو الحال في تعريفاتنا الضمنية لبعض المفاهيم الملتبسة والتي تحمل قدرا لا يستهان به من اعتساف المضمون كحقوق الإنسان مثلا. أراقب ما يطرح في الصحافة عن جوانب الفساد وتكوين ملامحه ورسم محدداته في الذهنية العامة، وأجد أنها لا تتجاوز شكليات وعموميات، كما أطلع على التقارير الصادرة من بعض المؤسسات الرقابية وأرى أنها تهتم بالجوانب المحاسبية والمنهجية أكثر من اهتمامها بالجوانب القانونية والحقوقية في تناولها ومنهجها العام. لذلك فإني أرى أن مثل هذه الطروحات المسحطة لن تلوي على شيء مهما زادت مساحتها أو علت نبرتها. مواجهة الفساد قانون أولا وآليات ثانيا ومؤسسات قضائية ثالثا في ظل حاضنة اجتماعية تتسع فيها دائرة الرقابة والمساءلة لتستوعب المجالس العامة ومنظمات المجتمع المدني، أما مؤسسات الرقابة العامة فهي جزء من النظام الإداري وتعمل وفق الآلية القائمة في هرم النظام الإداري العام. ابن خلدون في مقدمته الشهيرة تحدث عن «الجاه المفيد للمال» وكأنه يقرأ تاريخنا العربي المعاصر، وهو ما دفع عالم الاجتماع الفرنسي المرموق «بير بوردو» إلى صك مفهوم «رأس المال الرمزي» ليقابل «رأس المال المادي» وهو ما يتحدث فيه عن فنون «ريع المنصب» بحرفنة شديدة. في تعريف البنك الدولي للفساد «إساءة استخدام الوظيفة العامة للكسب الخاص...». وفي أبسط تجليات هذا التعريف نتحدث عمن يتكلم في هاتف الدولة ويستخدم سيارة الدولة ويفرط في وقت الدولة ويستهلك طاقة الدولة ويستخدم تذاكر الدولة... إلخ، كم تكاليف ذلك يا ترى على الخزينة العامة، ناهيك عن الدرجات الأخرى من «ريع المنصب»!! فاكس: 065431417 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 161 مسافة ثم الرسالة